وقوله:( ويستجيب الذين آمنوا وعملوا الصالحات ) قال السدي:يعني يستجيب لهم . وكذا قال ابن جرير:معناه يستجيب الدعاء لهم [ لأنفسهم] ولأصحابهم وإخوانهم . وحكاه عن بعض النحاة ، وأنه جعلها كقوله:( فاستجاب لهم ربهم ) [ آل عمران:195] .
ثم روى هو وابن أبي حاتم ، من حديث الأعمش ، عن شقيق بن سلمة ، عن سلمة بن سبرة قال:خطبنا معاذ بالشام فقال:أنتم المؤمنون ، وأنتم أهل الجنة . والله إني أرجو أن يدخل الله من تسبون من فارس والروم الجنة ، وذلك بأن أحدكم إذا عمل له - يعني أحدهم - عملا قال:أحسنت رحمك الله ، أحسنت بارك الله فيك ، ثم قرأ:( ويستجيب الذين آمنوا وعملوا الصالحات ويزيدهم من فضله )
وحكى ابن جرير عن بعض أهل العربية أنه جعل [ مثل] قوله:( ويستجيب الذين آمنوا ) كقوله:( الذين يستمعون القول ) [ الزمر:18] أي:هم الذين يستجيبون للحق ويتبعونه ، كقوله تبارك وتعالى:( إنما يستجيب الذين يسمعون والموتى يبعثهم الله ) [ الأنعام:36] والمعنى الأول أظهر ; لقوله تعالى:( ويزيدهم من فضله ) أي:يستجيب دعاءهم ويزيدهم فوق ذلك ; ولهذا قال ابن أبي حاتم:
حدثنا علي بن الحسين ، حدثنا محمد بن المصفى ، حدثنا بقية ، حدثنا إسماعيل بن عبد الله الكندي ، حدثنا الأعمش ، عن شقيق عن عبد الله قال:قال:رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في قوله:( ويزيدهم من فضله ) قال:"الشفاعة لمن وجبت له النار ، ممن صنع إليهم معروفا في الدنيا ".
وقال قتادة عن إبراهيم النخعي اللخمي في قوله تعالى:( ويستجيب الذين آمنوا وعملوا الصالحات ) قال:يشفعون في إخوانهم ، ( ويزيدهم من فضله ) قال:يشفعون في إخوان إخوانهم .
وقوله:( والكافرون لهم عذاب شديد ) لما ذكر المؤمنين وما لهم من الثواب الجزيل ، ذكر الكافرين وما لهم عنده يوم القيامة من العذاب الشديد الموجع المؤلم يوم معادهم وحسابهم .