والاستفهام في قوله:{ آلهتنا خير أم هو} تقريري للعلم بأن النبي يفضل عيسى على آلهتهم ،أي فقد لزمك أنك جعلت أهلاً للنار مَن كنتَ تفضله فأمرُ آلهتنا هيّن .
وضمير الرفع في{ ما ضربوه} عائد إلى ابن الزبعرى وقومه الذين أعجبوا بكلامه وقالوا بموجبه .وضمير النصب الغائب يجوز أن يكون عائداً إلى المثَل في قوله:{ ولما ضرب ابن مريم مثلاً} ،أي ما ضربوا لك ذلك المثل إلا جدلاً منهم ،أي محاجة وإفحاماً لك وليسوا بمعتقدين هَوْن أمر آلِهَتِهِمْ عندهم ،ولا بِطالبين الميزَ بين الحق والباطل ،فإنهم لا يعتقدون أن عيسى خير من آلهتهم ولكنهم أرادوا مجاراة النبي في قوله ليُفْضوا إلى إلزامه بما أرادوه من المناقضة .
ويجوز أن يكون ضمير النصب في{ ضربوه} عائداً إلى مصدر مأخوذ من فعل{ وقالوا} ،أي ما ضربوا ذلك القول ،أي ما قالوه إلا جَدلا .فالضرب بمعنى الإيجاد كما يقال: ضرب بيتاً ،وقول الفرزدق:
ضَربتْ عليك العنكبوتُ بنسجها
والاستثناء في{ إلا جدلاً} مفرّغ للمفعول لأجله أو للحال ،فيجوز أن ينتصب{ جدلاً} على المفعول لأجله ،أي ما ضربوه لشيء إلاّ للجدل ،ويجوز أن يُنصب على الحال بتأويله بمجادلين أي ما ضربوه في حال من أحوالهم إلا في حال أنهم مجادلون لا مؤمنون بذلك .
وقوله:{ بل هم قوم خصمون} إضراب انتقالي إلى وصفهم بحب الخصام وإظهارهم من الحجج ما لا يعتقدونه تمويهاً على عامتهم .
والخَصِم بكسر الصاد: شديد التمسك بالخصومة واللجاج مع ظهور الحق عنده ،فهو يُظهر أن ذلك ليس بحق .
وقرأ الجمهور{ آلهتنا} بتسهيل الهمزة الثانية .وقرأه عاصم وحمزة والكسائي بتخفيفها .