وقوله:( وقالوا أآلهتنا خير أم هو ):قال قتادة:يقولون:آلهتنا خير منه . وقال قتادة:قرأ ابن مسعود:"وقالوا أآلهتنا خير أم هذا "، يعنون محمدا - صلى الله عليه وسلم - .
وقوله:( ما ضربوه لك إلا جدلا ) أي:مراء ، وهم يعلمون أنه ليس بوارد على الآية ; لأنها لما لا يعقل ، وهي قوله:( إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم ) [ الأنبياء:98] . ثم هي خطاب لقريش ، وهم إنما كانوا يعبدون الأصنام والأنداد ، ولم يكونوا يعبدون المسيح حتى يوردوه ، فتعين أن مقالتهم إنما كانت جدلا منهم ، ليسوا يعتقدون صحتها .
وقد قال الإمام أحمد ، رحمه الله تعالى:حدثنا ابن نمير ، حدثنا حجاج بن دينار ، عن أبي غالب ، عن أبي أمامة قال:قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:"ما ضل قوم بعد هدى كانوا عليه ، إلا أورثوا الجدل "، ثم تلا هذه الآية:( ما ضربوه لك إلا جدلا بل هم قوم خصمون ) .
وقد رواه الترمذي ، وابن ماجه ، وابن جرير ، من حديث حجاج بن دينار ، به . ثم قال الترمذي:حسن صحيح لا نعرفه إلا من حديثه كذا قال .
وقد روي من وجه آخر عن أبي أمامة بزيادة فقال ابن أبي حاتم:حدثنا حميد بن عياش الرملي ، حدثنا مؤمل ، حدثنا حماد ، أخبرنا ابن مخزوم ، عن القاسم أبي عبد الرحمن الشامي ، عن أبي أمامة - قال حماد:لا أدري رفعه أم لا ؟ - قال:ما ضلت أمة بعد نبيها إلا كان أول ضلالها التكذيب بالقدر ، وما ضلت أمة بعد نبيها إلا أعطوا الجدل ، ثم قرأ:( ما ضربوه لك إلا جدلا بل هم قوم خصمون )
وقال ابن جرير أيضا:حدثنا أبو كريب ، حدثنا أحمد بن عبد الرحمن ، عن عباد بن عباد ، عن جعفر ، عن القاسم ، عن أبي أمامة قال:إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خرج على الناس وهم يتنازعون في القرآن ، فغضب غضبا شديدا حتى كأنما صب على وجهه الخل ، ثم قال:"لا تضربوا كتاب الله بعضه ببعض ، فإنه ما ضل قوم قط إلا أوتوا الجدل "، ثم تلا ( ما ضربوه لك إلا جدلا بل هم قوم خصمون )