ومعنى:{ دساها} حال بينها وبين فعل الخير .وأصل فعل دسّى: دسّ ،إذا أدخل شيئاً تحت شيء فأخفاه ،فأبدلوا الحرف المضاعف ياء طلباً للتخفيف كما قالوا: تقضّى البازي أو تقضض ،وقالوا: تظنيت ،أي من الظن .
وإن كانت جملة{ قد أفلح من زكاها} جواب القسم فجملة{ كذبت ثمود بطغواها}[ الشمس: 11] في موقع الدليل لمضمون جملة{ وقد خاب من دساها} أي خاب كخيبة ثمود .
والفلاح: النجاح بحصول المطلوب ،والخيبة ضده ،أي أن يُحرم الطالب مما طلبه .
فالإِنسان يرغب في الملائم النافع ،فمن الناس من يطلب ما به النفع والكمال الدائمان ،ومن الناس من يطلب ما فيه عاجل النفع والكمال الزائف ،فالأول قد نجح فيما طلبه فهو مفلح ،والثاني يحصِّل نفعاً عارضاً زائلاً وكمالاً موقتاً ينقلب انحطاطاً فذلك لم ينجح فيما طلبه فهو خائب ،وقد عبر عن ذلك هنا بالفلاح والخيبة كما عبر عنه في مواضع أخر بالربح والخسارة .
والمقصود هنا الفلاح في الآخرة والخيبة فيها .
وفي هذه الآيات مُحسّن الطباق غير مرّة فقد ذكرت أشياء متقابلة متضادة مثل الشمس والقمر لاختلاف وقت ظهورهما ،ومثل النهار والليل ،والتجلية والغشي ،والسماء والأرض ،والبناء والطحو ،والفجور والتقوى ،والفلاح والخيبة ،والتزكية والتدسية .