وقوله:( وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا ) يقول تعالى ذكره:وقد خاب في طِلبته، فلم يُدرك ما طلب والتمس لنفسه مِن الصلاح مَنْ دساها يعني:من دَسَّس الله نفسه فأَخْمَلها، ووضع منها، بخُذلانه إياها عن الهدى حتى ركب المعاصِيَ، وترك طاعة الله. وقيل:دسَّاها وهي دَسَّسها، فقُلبت إحدى سيناتها ياء، كما قال العجَّاج:
تَقَضِّيَ الْبازِي إذا البازِي كَسَرْ (1)
يريد:تَقَضُّض. وتظنَّيت هذا الأمر، بمعنى:تظننت، والعرب تفعل ذلك كثيرا، فتبدل في الحرف المشدّدة بعض حروفه، ياء أحيانا، وواوا أحيانا؛ ومنه قول الآخر:
يَـذْهَبُ بِـي فِـي الشِّـعْرِ كُـلَّ فَنَّ
حــتى يَــرُدَّ عَنِّــي التَّظَنِّــي (2)
يريد:التظنن .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني عليّ، قال:ثنا أبو صالح، قال:ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس ( وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا ) يقول:وقد خاب من دَسَّى اللهُ نَفسَه فأضلَّه.
حدثني محمد بن سعد، قال:ثني أبي، قال:ثني عمي، قال:ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس:( وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا ) يعني:تكذيبها.
حدثنا أبو كُرَيب، قال:ثنا وكيع، عن سفيان، عن خصيف، عن مجاهد وسعيد بن جُبير ( وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا ) قال أحدهما:أغواها، وقال الآخر:أضلَّها.
حدثنا ابن حميد، قال:ثنا مهران، عن سفيان، عن خَصيف، عن مجاهد ( وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا ) قال:أضلَّها، وقال سعيد:مَنْ أغواها.
حدثني محمد بن عمرو، قال:ثنا أبو عاصم، قال:ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال:ثنا الحسن، قال:ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله:( مَنْ دَسَّاهَا ) قال:أغواها.
حدثنا بشر، قال:ثنا يزيد، قال:ثنا سعيد، عن قتادة ( وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا ) قال:أثّمها وأفجرها.
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال:ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، مثله.
حدثني يونس، قال:أخبرنا ابن وهب، قال:قال ابن زيد، في قوله:( وَقَدْ خَابَ ) يقول:وقد خاب من دَسَّى اللهُ نفسَه.