وخاب من دساها
{وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا} أي أنقصها وخبّأها في ظلمات الكفر والضلال ،بحيث أبقاها في الزوايا المظلمة منها ،فلم يخرجها إلى الأجواء الصافية الطاهرة المشرقة بنور الحق ،فتركها لأهوائها التي تطوف بها تحركها ذات اليمين وذات الشمال ،وتستغرق في الأوضاع الحسيّة المادية التي يخلد فيها الإنسان إلى الأرض ،فيشرب من وُحولها ،ويأكل من ترابها ،ويتحرك في كهوفها المظلمة ،فينطلق بفكر الباطل ،ويخضع لتصورات الشرّ ،وينفعل بمشاعر الظلم ،ويتحرك في مشاريع الكفر والضلال ،ما يجعل فكره فكر الخيبة الفكرية ،وروحه روح الفشل المعنوي ،وحركته حركة السقوط ،لأنه لم يحسن عملية الاختيار ،ولم يتحمل مسؤولية المصير ،ولم ينفتح على الجانب المشرق الطاهر من الحياة ،ولم يستفد ،مما وهبه الله ،من قوّة العقل وحرية الإرادة في الاتجاه الصحيح ،ولم ينطلق من وحي الرسالات التي تضيف إلى العقل عقلاً ،وإلى الروح روحاً ،وإلى حياته انفتاحاً على كل معاني الحق والخير والجمال .