قد أفلح من زكاها
{قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا} وعمل على تطهيرها في توجيهها إلى القيم الروحية في ما هو الوعي الذهني ،وإلى التربية الروحيّة في ما هي الحركة العملية في دراسة كل الرواسب المتأثرة بالواقع التاريخي المنحرف ،أو بالواقع الحاضر المعقّد ،لتنقية النفس من ذلك كله بالمراقبة والمحاسبة والمجاهدة ،وإلى الدراسة الفكرية المعمّقة التي تطلُّ على الأفكار المتنوعة التي قد تسيء إلى الجانب العقيدي والفكري في شخصيته ،فتشوِّه روحه ،وتبتعد بمشاعره عن المعاني الطاهرة ،وبتصوراته عن الآفاق المضيئة .
وهكذا تطلّ الخطّة القرآنية على مسألة التزكية بهذا العنوان الذي يؤكد ارتباط الفلاح بها ارتباطاً عضوياً في الدنيا والآخرة ،للإيحاء بأن الفكر المستقيم الصائب لا يكفي في ذلك إذا لم تنضمّ إليه التربية الروحية والتوجّه العملي الذي يحوّل الفكر إلى إيمان ،ويحرك الإيمان في دائرة الشعور ،لتكون الحركة العامة خاضعةً للعمق الإيماني الذي يثير المعاني الطاهرة في كل جوانبها ومواقعها وأوضاعها العامة أو الخاصة ،ليكون الإنسان المسلم ،إنسان التجسيد الحي لكل الأفكار والقيم الإسلامية .