/م120
قال تعالى:
{ وكلا نقص عليك من أنباء الرسل} أي وكل نوع من أنباء الرسل نقص عليك ونحدثك به على وجهه الذي يعلم من تتبعه واستقصائه به ، فإن معنى القص في الأصل تتبع أثر الشيء للإحاطة به ، ومنه{ وقالت لأخته قصيه} [ القصص:11] ثم قيل:قص خبره إذا حدث به على وجهه الذي استقصاه ، والنبأ الخبر المهم ، فهذه الكلية تشمل أنواع الأنباء المفيدة من قصص الرسل الصحيحة في صورها الكلامية وأساليبها البيانية ، وأنواع فوائدها العلمية ، وعبرها ومواعظها النفسية ، دون الأمور العادية المستغنى عن ذكرها ، كالتي تراها في سفر التكوين الذين يعدونه من التوراة وأمثاله .
{ ما نثبت به فؤادك} أي نقص منها عليك ما نثبت به فؤادك ، أي نقويه ونجعله راسخا في ثباته كالجبل في القيام بأعباء الرسالة ونشر الدعوة بما في هذه القصص من زيادة العلم بسنن الله في الأقوام ، وما قاساه رسلهم من الإيذاء فصبروا صبر الكرام .
{ وجاءك في هذه الحق} أي في هذه السورة ، وهو المروي عن ابن عباس وأبي موسى الأشعري من الصحابة وسعيد بن جبير والحسن البصري من التابعين وعليه الجمهور .وقيل:في هذه الأنباء المقتصة عليك بيان الحق الذي دعا إليه جميع أولئك الرسل من أصل دين الله وأركانه ، وهو توحيده بعبادته وحده ، واتقائه ، واستغفاره ، والتوبة إليه ، وترك ما يسخطه من الفواحش والمنكرات والظلم والإجرام ، والإيمان بالبعث والجزاء الصالح .
{ وموعظة وذكرى للمؤمنين} الذي يتعظون بما حل بالأمم من عقاب الله ، ويتذكرون ما فيها من عاقبة الظلم والفساد ، ونصره تعالى لمن نصره ، ونصر رسله ، فالمؤمنون هنا يشمل من كانوا آمنوا بالفعل ، والمستعدين للإيمان الذين آمنوا بهذه الموعظة والذكرى كالذين آمنوا بعد ، وفي هذه الآية من إعجاز الإيجاز ، ما يناسب إعجاز تلك القصص التي جمعت فوائدها بهذه الكلمات .