/م69
{ إن إبراهيم لحليم أواه منيب} هذا تعليل لمجادلة إبراهيم في عذاب قوم لوط وهو أنه كان حليما لا يحب المعاجلة بالعقاب ، كثير التأوه مما يسوء ويؤلم ، منيب يرجع إلى الله في كل أمر ، وقد تقدم وصفه بالأواه الحليم في الآية [ 9:114] .
وهذه المجادلة المشار إليها هنا المجملة في سورة العنكبوت مفصلة في الفصل الثامن عشر من سفر التكوين من أوله إلى آخره ، وجعلت فيه مجادلة للرب سبحانه لا لرسله ، ففي أوله أن الرب ظهر لإبراهيم وهو جالس في باب الخيمة فظهر له ثلاثة رجال ، وذكر خبر ضيافته لهم بالعجل وخبز الملة وأنهم أكلوا وبشروه بالولد ، وأن امرأته سارة سمعت فضحكت وتعجبت ، وعللت تعجبها بكبرها وانقطاع عادة النساء عنها"فقال الرب لإبراهيم لماذا ضحكت سارة هل يستحيل على الرب شيء ؟ "الخ ثم قال"وانصرف الرجال [ يعني الملائكة] من هناك وذهبوا نحو سدوم [ أي قرية قوم لوط] وأما إبراهيم فكان لم يزل قائما أمام الرب * فتقدم إبراهيم وقال:أفتهلك البار مع الأثيم * عسى أن يكون هناك خمسون بارا في المدينة ، أفتهلك المكان ولا تصفح عنه من أجل الخمسين بارا الذين فيه ؟ *فقال الرب إن وجدت في سدوم خمسين بارا فإني أصفح عن المكان كله من أجلهم "ثم كلمة إبراهيم مثل هذا في خمسة وأربعين ثم في أربعين ثم في ثلاثين ثم في عشرين ثم في عشرة ، والرب بعده في كل من هذه الأعداد بأنه من أجلهم لا يهلك القوم ثم قال: "وذهب الرب عند ما فرغ من الكلام مع إبراهيم إلى مكانه "اه فتأمل الفرق بين عبارات القرآن الوجيزة المفيدة المنزهة للرب تعالى عن مشابهة الخلق وعبارات ما يسمونه التوراة في تشبيه الله بعباده وتطويلها غير المفيد .