/م19
{ وشروه بثمن بخس دراهم معدودة} شرى الشيء يشريه باعه واشتراه ابتاعه ، أي باعوه بثمن قليل ناقص عن ثمن مثله على أنه ليس له مثل ، هو دراهم لا دنانير معدودة لا موزونة ، وإنما يعد القليل ويوزن الكثير ، وكانت العرب تزن ما بلغ الأوقية وهي أربعون درهما فما فوقها وتعد ما دونها ، ولهذا يعبرون عن القليلة بالمعدودة ، والبخس في اللغة الناقص والمعيب{ ولا تبخسوا الناس أشياءهم} [ الأعراف:85] وروي تفسيره هنا بالحرام وبالظلم لأنه بيع حر فيكون وصفه بدارهم معدودة مستقلا لا تفسيرا لبخس وظاهر النظم أن الذين شروه هم السيارة .وفي سفر التكوين أن إخوته قرروا بيعه للإسماعيليين ، وقد أخرجه من الجب جماعة من مدين وباعوه لهم وقد بعد ذكرهم ، ويحتمل أن يكون لفظ شروه قد استعمل بمعنى اشتروه وهو مسموع ، ويكون المراد أنهم اشتروه من إخوته بثمن بخس ثم باعوه في مصر بثمن بخس أيضا ، وهو إدماج من دقائق الإيجاز ، وأما الثمن البخس الذي بيع به ففي سفر التكوين أنه كان عشرين [ شاقلا] من الفضة وقدر علماء التاريخ القديم الشاقل بخمسة عشر غراما من الوزن العشري اللاتيني المعروف في عصرنا فيكون ثمنه 300 غرام من الفضة ، وهي تقرب من 94 درهما من دراهمنا اليوم ، وعن ابن مسعود [ رضي الله عنه] أنه عشرون درهما ولعله سمعه عن اليهود فظن أن العشرين عندهم هي الدراهم عند العرب{ وكانوا فيه من الزاهدين} أي وكان هؤلاء الذين باعوه من الراغبين عنه الذين يبغون الخلاص منه لئلا يظهر من يطالبهم به لأنه حر ، والثمن لم يكن مقصودا لهم ولهذا قنعوا بالبخس منه .