ثم قال تعالى:( ولله ملك السماوات والأرض والله على كل شيء قدير ) قال الأستاذ الإمام عطف هذه الآية على ما قبلها لاتصالها بالآيات التي قبلها ، فالواو فيها عاطفة للجملة المستقلة على مثلها ، كأنه يقول لا تحزنوا أيها المؤمنون ولا تضعفوا واصبروا واتقوا ولا تخورن عزائمكم ، بينوا الحق ولا تكتموا منه شيئا ، ولا تشتروا بآيات الله ثمنا قليلا ، ولا تفرحوا بما علمتم .ولا تحبوا أن تحمدوا بما لم تفعلوا فإن الله تعالى يكفيكم ما أهمكم ويغنيكم عن هذه المنكرات التي نهيتم عنها ، فإن ملك السماوات والأرض كله له يعطي منه ما يشاء وهو كل شيء قدير لا يعز عليه نصركم على الذين يؤذونكم بأيديهم وألسنتهم من أهل الكتاب والمشركين ، وإليه ترجع الأمور لأنه هو الذي يدبرها بحكمته وسننه في خلقه .وفي هذا التذييل حجة على كون الخير في اتباع ما أرشد إليه تعالى وتسلية للنبي صلى الله عليه وسلم وللمؤمنين ووعد لهم بالنصر ، وفيه تعريض بذم أولئك المخالفين الذين سبق وصفهم في الآيات التي قبل هذه الآية وهو أنهم لا يؤمنون بالله تعالى إيمانا صحيحا يظهر أثره في أخلاقهم وأعمالهم وإلا لما تركوا العمل بكتابه وآثروا عليه ما يستفيدونه من حطام الدنيا ، فإن هذا لا يكون إلا من عدم الثقة بوعده تعالى والخوف من وعيده واليقين بقدرته وتدبيره .