/م131
{ ولله ما في السماوات وما في الأرض} ملكا وخلقا وعبيدا فبأمره وحده قام نظام الأكوان ، وله وحده التدبير والتكليف الذي ينتظم به أمر الإنسان{ ولقد وصينا الذين أوتوا الكتاب من قبلكم وإياكم أن اتقوا الله} في إقامة سننه ، ولإقامة دينه وشريعته ، فبإقامة السنن تعلو معارفكم الإلهية ، وترتقي مرافقكم الدنيوية ، وبإقامة الأحكام والآداب الدينية ، تتزكى أنفسكم وتنتظم مصالحكم المدنية والاجتماعية ،{ وإن تكفروا} نعمه عليكم وتتركوا تقواه في ذلك{ فإن لله ما في السموات والأرض} لا ينقص كفركم من ملكه شيئا وإنما ضرره عليكم ، كما أن منفعة الشكر خاصة بكم{ وكان الله غنيا حميدا} غنيا عن كل شيء بذاته لذاته ، ولأن كل شيء له ومنه ، محمودا بذاته لذاته وكمال صفاته ، محمودا على جميع أفعاله ، لأنه أحسن كل شيء خلقه ، فهو لا يحتاج إلى شكركم لتكميل نفسه ، ولا إلى حمدكم لتحقيق حمده ،{ وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم} [ الإسراء:44] وفي الحديث القدسي المروي عن النبي صلى الله عليه وسلم عن ربه عز وجل:( يا عبادي ! إنكم لم تبلغوا ضري فتضروني ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني ، يا عبادي ! لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أتقى قلب رجل واحد منكم ما زاد ذلك في ملكي شيئا ، يا عبادي ! لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجل واحد ما نقص ذلك من ملكي شيئا ، يا عبادي ! لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم قاموا في صعيد واحد فسألوني فأعطيت كل واحد مسألته ما نقص ذلك مما عندي إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر ، يا عبادي ! إنما هي أعمالكم أحصيها لكم ثم أوفيكم إياها فمن وجد خيرا فليحمد الله ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه ){[606]} رواه مسلم وهو آخر حديث طويل اكتفينا منه بمحل الشاهد في موضوعنا .