أما كثرة النساء لداود وسليمان عليهما السلام فقد نقل بعض المفسرين أنه كان لداود مائة امرأة ويؤخذ ذلك من سورة ص وأنه كان لسليمان ألف وثلاثمائة امرأة وسبع مئة سرية فكيف يستنكر أتباعهما أن يكون للنبي صلى الله عليه وسلم تسع نسوة وقد تزوج أكثرهن لحكم وأسباب عامة أو خاصة كما تقدم بيان ذلك في تفسير آية تعدد الزوجات من الجزء الرابع .وفي سفر الملوك الأول من كتابهم المقدس ما نصه:1:11 أحب الملك سليمان نساء غريبة كثيرة مع بنت فرعون موابيات وعمونيات وأدوميات وصيد ونيات وحثيات 2 من الأمم الذين قال عنهم الرب لبني إسرائيل لا تدخلون إليهم وهم لا يدخلون إليكم لأنهم يميلون قلوبكم وراء آلهتهم فالتصق سليمان بهؤلاء بالمحبة3 وكانت له سبعمائة من النساء السيدات وثلاثة مئة من السراري فأمالت نساؤه قلبه "الخ ما هناك من الطعن فيه عليه السلام وبرأه الله .
{ فمنهم من آمن به ومنهم من صد عنه} القول المشهور المقدم في كتب التفسير التي بين أيدينا أن الضمير في قوله:{ آمن به} للنبي صلى الله عليه وسلم أو ما أنزل عليه أي من أولئك اليهود من آمن به ومنهم من أعرض عنه يقال صد الرجل عن الشيء إذا أعرض عنه ، ويقال أيضا صد غيره عنه إذا صرفه عنه ونفره منه ، وقيل إنه عائد إلى إبراهيم عليه الصلاة والسلام أي من آله من آمن به ومنهم من لم يؤمن به ، وقيل إلى ما ذكر من حديث آل إبراهيم وقيل إلى الكتاب ، وقال الأستاذ الإمام يرجع الضمير إلى ما ذكر من الكتاب والحكمة والملك العظيم فأما الإيمان بالكتاب والحكمة ( وهي ما جاء به الأنبياء من بيان أسرار الكتاب ) فظاهر وأما الإيمان بالملك فهو الإيمان بوعد الله تعالى به ، وهكذا شأن الناس في كل شيء لا يتفقون عليه وإنما يأخذ به بعضهم ويعرض عنه آخرون .
{ وكفى بجهنم سعيرا} أي نارا مسعرة لمن صد عنه وآثر إرضاء حسده والعمل بما يزينه له على اتباع الحق فهو لا يزال يغريه بنصر الباطل ومعاندة الحق حتى يدسي نفسه ويفسدها ويهبط بها إلى دار الشقاء وهاوية النكال المعبر عنها بجهنم وبالسعير وهي بئس المثوى وبئس المصير .