/م97
{ فأولئك عسى الله أن يعفو عنهم} والإشارة بأولئك إلى من استثناهم ممن توعدهم على ترك الهجرة ، أي إن أولئك المستضعفين الذين لم يهاجروا للعجز وتقطع الأسباب والحيل وتعمية السبل يرجى أن يعفو الله عنهم ولا يؤاخذهم بالإقامة في دار الكفر .والوعد بعسى الدالة على الرجاء ، أطمعهم تعالى بالعفو ولم يجزم به للإيذان بأن أمر الهجرة مضيق فيه ، وأنه لا بد منه ، ولو باستعمال دقائق الحيل ، والبحث عن مضايق السبل ، حتى لا يخدع محب وطنه نفسه ويعد ما ليس بمانع مانعا .وصرح كثير من المفسرين بأن صيغة الرجاء من الله تعالى للتحقيق والقطع ، وليس هذا الذي قالوه بالتحقيق الذي يقطع به ، وإنما الرجاء فيها بالنسبة إلى المخاطب وعلم الله بتحقيق الرجاء أو عدمه قطعي .وقال الأستاذ الإمام:قالوا إن"عسى "في كلام الله للتحقيق .ولا يصح على إطلاقه لأنه يسلب الكلمة معناها فكأنه لا محل لها .ونقول فيها ما قلناه في لعل وهو أن معناها الإعداد والتهيئة ، والمعنى أنه تعالى يعدهم ويهيئهم لعفوه ، والنكتة في اختيار التعبير عن التحقيق بعسى الدالة على الترجي إن صح هي تعظيم أمر ترك الهجرة وتغليظ جرمه .
{ وكان الله عفوا غفورا} أي وكان شأن الله تعالى العفو عن المخالفات التي لها أعذار صحيحة بعدم المؤاخذة عليها ، ومغفرتها بسترها في الآخرة وعدم فضيحة صاحبها ، لأنه تعالى لا يكلف نفسا إلا وسعها .