/م124
{ لَهُمْ دَارُ السَّلاَمِ عِندَ رَبِّهِمْ} أي لهؤلاء القوم المتذكرين السالكين صراط ربهم المستقيم دون غيرهم من متبعي سبل الشياطين دار السلام عند ربهم بسلوكهم صراطه الموصل إليها ، وهو ما كانوا يعلمونه كما صرح به في آخر الآية .فهذا بيان جزاء المؤمنين الصالحين ، في مقابل ما بين قبله من جزاء المجرمين ، بقوله{ سيصيب الذين أجرموا صغار عند الله وعذاب شديد بما كانوا يمكرون} ( الأنعام 124 ) ودار السلام هي الجنة دار الجزاء للمؤمنين المتقين أضيفت إلى اسم الله"السلام "كما رواه ابن جرير عن السدي ، وعزاه بعض المفسرين إلى الحسن وابن زيد أيضا ، وقيل إن السلام مصدر سلم كالسلامة .والإضافة على التفسير الأول للتشريف وكذا للإيذان بسلامة تلك الدار من العيوب ، وسلامة أهلها من جميع المنغصات والكروب خلافا لمن زعم أن إفادة هذا المعنى خاصة يجعل السلام مصدرا كالسلامة وقوله: "عند ربهم "تقدم معناه في تفسير مقابله الذي ذكر آنفا .
{ وَهُوَ وَلِيُّهُمْ بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} الضمير راجع إلى ربهم أو السلام على القول بأنه هو الله تعالى .ووليهم متولي أمورهم وكافيهم كل أمر يعنيهم ، بسبب ما كانوا يعملونه بباعث الإيمان به والإذعان لما جاء به رسوله من أعمال الصلاح المزكية لأنفسهم ، والإصلاح المفيد لكل من يعيش معهم ، وهذه الولاية الإلهية للمتذكرين من المؤمنين الصالحين تشمل ولاية الدنيا والآخرة ، والآية نافية للقول بالجبر ، ومبطلة للقول بإنكار القدر ، بصراحتها بنوط الجزاء بالعمل فإسناد العمل إليهم ينفي الجبر ، ونوط الجزاء به يثبت القدر الذي هو جعل شيء مرتبا على شيء آخر مقدارا بقدره ، وليس خلقا أنفا ، أي مبتدأ ومستأنفا والله أعلم وأحكم .