/م103
{ فألقى عصاه فإذا هي ثعبان مبين}
أي فلم يلبث موسى أن ألقى عصاه التي كانت بيمينه أمام فرعون فإذا هي ثعبان –وهو الذكر العظيم من الحيات –مبين أي ظاهر بيّن لا خفاء في كونه ثعبانا حقيقيا يسعى وينتقل من مكان إلى آخر تراه الأعين من غير أن يسحرها ساحر فيخيل إليها أنها تسعى كما سيأتي من أعمال سحرة فرعون .
وفي التفسير المأثور روايات في صفة الثعبان الذي تحولت إليه عصا موسى عليه السلام وفي تأثيره لدى فرعون ما هي إلا من الإسرائيليات التي لا يصح لها سند ولا يوثق منها بشيء ، ومنها قول وهب بن منبه:إن العصا لما صارت ثعبانا حملت على الناس فانهزموا منها فمات منهم خمسة وعشرون ألفا قتل بعضهم بعضا وقام فرعون منهزما .قال ابن كثير:رواه ابن جرير والإمام أحمد وابن أبي حاتم وفيه غرابة في سياقه والله أعلم اه وقد اقتصرت على هذه الرواية لأقول إنني أرجح تضعيف عمرو بن الفلاس لوهب على توثيق الجمهور له ، بل أنا أسوأ فيه ظنا على ما روي من كثرة عبادته ، ويغلب على ظني أنه كان له ضلع مع قومه الفرس الذين كانوا يكيدون للإسلام وللعرب ويدسون لهم من باب الرواية ومن طريق التشيع ، فقد ذكر الإمام أحمد أن والده منبها فارسي أخرجه كسرى إلى اليمن فأسلم في زمن النبي صلى الله عليه وسلم وأن ابنه وهبا كان يختلف من بعده إلى بلاده بعد فتحها وههنا موضع الشبهة في الغرائب المروية عنه وهي كثيرة –ومثله عندي كعب الأحبار الإسرائيلي- كلاهما كان تابعيا كثير الرواية للغرائب التي لا يعرف لها أصل معقول ولا منقول ، وقومهما كانوا يكيدون للأمة الإسلامية العربية التي فتحت بلاد الفرس وأجلت اليهود من الحجاز ، فقاتل الخليفة الثاني فارسي مرسل من جمعية سرية لقومه ، وقتلة الخليفة الثالث كانوا مفتونين بدسائس عبد الله بن سبأ اليهودي .وإلى جمعية السبئيين وجمعيات الفرس ترجع جميع الفتن السياسية وأكاذيب الرواية في الصدر الأول .