وقوله:( وآتاكم من كل ما سألتموه ) يقول:هيأ لكم كل ما تحتاجون إليه في جميع أحوالكم مما تسألونه بحالكم وقالكم .
وقال بعض السلف:من كل ما سألتموه وما لم تسألوه .
وقرأ بعضهم:"وأتاكم من كل ما سألتموه ".
وقوله:( وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها ) يخبر عن عجز العباد عن تعداد النعم فضلا عن القيام بشكرها ، كما قال طلق بن حبيب - رحمه الله -:إن حق الله أثقل من أن يقوم به العباد ، وإن نعم الله أكثر من أن يحصيها العباد ، ولكن أصبحوا توابين وأمسوا توابين .
وفي صحيح البخاري:أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقول:"اللهم ، لك الحمد غير مكفي ولا مودع ، ولا مستغنى عنه ربنا ".
وقال الحافظ أبو بكر البزار في مسنده:حدثنا إسماعيل بن أبي الحارث ، حدثنا داود بن المحبر ، حدثنا صالح المري عن جعفر بن زيد العبدي ، عن أنس ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال:"يخرج لابن آدم يوم القيامة ثلاثة دواوين ، ديوان فيه العمل الصالح ، وديوان فيه ذنوبه ، وديوان فيه النعم من الله تعالى عليه . فيقول الله لأصغر نعمه - أحسبه قال في ديوان النعم - خذي ثمنك من عمله الصالح ، فتستوعب عمله الصالح كله ، ثم تنحى وتقول:وعزتك ما استوفيت . وتبقى الذنوب والنعم فإذا أراد الله أن يرحم قال:يا عبدي ، قد ضاعفت لك حسناتك وتجاوزت عن سيئاتك - أحسبه قال:ووهبت لك نعمي - . غريب ، وسنده ضعيف .
وقد روي في الأثر:أن داود - عليه السلام - قال:يا رب ، كيف أشكرك وشكري لك نعمة منك علي ؟ فقال الله تعالى:الآن شكرتني يا داود ، أي:حين اعترفت بالتقصير عن أداء شكر النعم .
وقال الشافعي - رحمه الله -:الحمد لله الذي لا يؤدى شكر نعمة من نعمه ، إلا بنعمة توجب على مؤدي ماضي نعمه بأدائها نعمة حادثة توجب عليه شكره بها .
وقال القائل في ذلك:
لو كل جارحة مني لها لغة تثني عليك بما أوليت من حسن لكان ما زاد شكري إذ شكرت به
إليك أبلغ في الإحسان والمنن