قال ابن جرير:يعني بقوله جل ثناؤه:( ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم ) وليست اليهود يا محمد ولا النصارى براضية عنك أبدا ، فدع طلب ما يرضيهم ويوافقهم ، وأقبل على طلب رضا الله في دعائهم إلى ما بعثك الله به من الحق .
وقوله تعالى:( قل إن هدى الله هو الهدى ) أي:قل يا محمد:إن هدى الله الذي بعثني به هو الهدى ، يعني:هو الدين المستقيم الصحيح الكامل الشامل .
قال قتادة في قوله:( قل إن هدى الله هو الهدى ) قال:خصومة علمها الله محمدا صلى الله عليه وسلم وأصحابه ، يخاصمون بها أهل الضلالة . قال قتادة:وبلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول:"لا تزال طائفة من أمتي يقتتلون على الحق ظاهرين ، لا يضرهم من خالفهم ، حتى يأتي أمر الله ".
قلت:هذا الحديث مخرج في الصحيح عن عبد الله بن عمرو .
( ولئن اتبعت أهواءهم بعد الذي جاءك من العلم ما لك من الله من ولي ولا نصير ) فيه تهديد ووعيد شديد للأمة عن اتباع طرائق اليهود والنصارى ، بعد ما علموا من القرآن والسنة ، عياذا بالله من ذلك ، فإن الخطاب مع الرسول ، والأمر لأمته .
[ وقد استدل كثير من الفقهاء بقوله:( حتى تتبع ملتهم ) حيث أفرد الملة على أن الكفر كله ملة واحدة كقوله تعالى:( لكم دينكم ولي دين ) [ الكافرون:6] ، فعلى هذا لا يتوارث المسلمون والكفار ، وكل منهم يرث قرينه سواء كان من أهل دينه أم لا ; لأنهم كلهم ملة واحدة ، وهذا مذهب الشافعي وأبي حنيفة وأحمد في رواية عنه . وقال في الرواية الأخرى كقول مالك:إنه لا يتوارث أهل ملتين شتى ، كما جاء في الحديث ، والله أعلم] .