ثم ضرب لهم تعالى مثلا كما قال تعالى:( للذين لا يؤمنون بالآخرة مثل السوء ) [ النحل:60] فقال:( ومثل الذين كفروا ) أي:فيما هم فيه من الغي والضلال والجهل كالدواب السارحة التي لا تفقه ما يقال لها ، بل إذا نعق بها راعيها ، أي:دعاها إلى ما يرشدها ، لا تفقه ما يقول ولا تفهمه ، بل إنما تسمع صوته فقط .
هكذا روي عن ابن عباس ، وأبي العالية ، ومجاهد ، وعكرمة ، وعطاء ، والحسن ، وقتادة ، وعطاء الخراساني والربيع بن أنس ، نحو هذا .
وقيل:إنما هذا مثل ضرب لهم في دعائهم الأصنام التي لا تسمع ولا تبصر ولا تعقل شيئا ، اختاره ابن جرير ، والأول أولى ; لأن الأصنام لا تسمع شيئا ولا تعقله ولا تبصره ، ولا بطش لها ولا حياة فيها . وقوله:( صم بكم عمي ) أي:صم عن سماع الحق ، بكم لا يتفوهون به ، عمي عن رؤية طريقه ومسلكه ( فهم لا يعقلون ) أي:لا يعقلون شيئا ولا يفهمونه ، كما قال تعالى:( والذين كذبوا بآياتنا صم وبكم في الظلمات من يشأ الله يضلله ومن يشأ يجعله على صراط مستقيم ) [ الأنعام:39] .