قال ابن عباس:"الأيام المعدودات "أيام التشريق ، و "الأيام المعلومات "أيام العشر . وقال عكرمة:( واذكروا الله في أيام معدودات ) يعني:التكبير أيام التشريق بعد الصلوات المكتوبات:الله أكبر ، الله أكبر .
وقال الإمام أحمد:حدثنا وكيع ، حدثنا موسى بن علي ، عن أبيه ، قال:سمعت عقبة بن عامر قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"يوم عرفة ويوم النحر وأيام التشريق عيدنا أهل الإسلام ، وهي أيام أكل وشرب ".
وقال الإمام أحمد أيضا:حدثنا هشيم ، أخبرنا خالد ، عن أبي المليح ، عن نبيشة الهذلي قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر الله ". رواه مسلم أيضا وتقدم حديث جبير بن مطعم:"عرفة كلها موقف ، وأيام التشريق كلها ذبح ". وتقدم [ أيضا] حديث عبد الرحمن بن يعمر الديلي "وأيام منى ثلاثة ، فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ، ومن تأخر فلا إثم عليه ".
وقال ابن جرير:حدثنا يعقوب بن إبراهيم وخلاد بن أسلم ، قالا حدثنا هشيم ، عن عمرو بن أبي سلمة ، عن أبيه ، عن أبي هريرة:أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"أيام التشريق أيام طعم وذكر ".
وحدثنا خلاد بن أسلم ، حدثنا روح ، حدثنا صالح ، حدثني ابن شهاب ، عن سعيد بن المسيب ، عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث عبد الله بن حذافة يطوف في منى:"لا تصوموا هذه الأيام ، فإنها أيام أكل وشرب ، وذكر الله ، عز وجل ".
وحدثنا يعقوب ، حدثنا هشيم ، عن سفيان بن حسين ، عن الزهري ، قال:بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله بن حذافة ، فنادى في أيام التشريق فقال:"إن هذه الأيام أيام أكل وشرب وذكر الله ، إلا من كان عليه صوم من هدي ".
زيادة حسنة ولكن مرسلة . وبه قال هشيم ، عن عبد الملك بن أبي سليمان ، عن عمرو بن دينار:أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث بشر بن سحيم ، فنادى في أيام التشريق فقال:"إن هذه الأيام أيام أكل وشرب وذكر الله ".
وقال هشيم ، عن ابن أبي ليلى ، عن عطاء ، عن عائشة قالت:نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صوم أيام التشريق ، قال:"هي أيام أكل وشرب وذكر الله ".
وقال محمد بن إسحاق ، عن حكيم بن حكيم ، عن مسعود بن الحاكم الزرقي ، عن أمه قالت:لكأني أنظر إلى علي على بغلة رسول الله صلى الله عليه وسلم البيضاء ، حتى وقف على شعب الأنصار وهو يقول:"يا أيها الناس ، إنها ليست بأيام صيام ، إنما هي أيام أكل وشرب وذكر ".
وقال مقسم عن ابن عباس:الأيام المعدودات:أيام التشريق ، أربعة أيام:يوم النحر ، وثلاثة [ أيام] بعده ، وروي عن ابن عمر ، وابن الزبير ، وأبي موسى ، وعطاء ، ومجاهد ، وعكرمة ، وسعيد بن جبير ، وأبي مالك ، وإبراهيم النخعي ، [ ويحيى بن أبي كثير] والحسن ، وقتادة ، والسدي ، والزهري ، والربيع بن أنس ، والضحاك ، ومقاتل بن حيان ، وعطاء الخراساني ، ومالك بن أنس ، وغيرهم مثل ذلك .
وقال علي بن أبي طالب:هي ثلاثة ، يوم النحر ويومان بعده ، اذبح في أيهن شئت ، وأفضلها أولها .
والقول الأول هو المشهور وعليه دل ظاهر الآية الكريمة ، حيث قال:( فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه ) فدل على ثلاثة بعد النحر .
ويتعلق بقوله:( واذكروا الله في أيام معدودات ( ذكر الله على الأضاحي ، وقد تقدم ، وأن الراجح في ذلك مذهب الشافعي ، رحمه الله ، وهو أن وقت الأضحية من يوم النحر إلى آخر أيام التشريق . ويتعلق به أيضا الذكر المؤقت خلف الصلوات ، والمطلق في سائر الأحوال . وفي وقته أقوال للعلماء ، وأشهرها الذي عليه العمل أنه من صلاة الصبح يوم عرفة إلى صلاة العصر من آخر أيام التشريق ، وهو آخر النفر الآخر . وقد جاء فيه حديث رواه الدارقطني ، ولكن لا يصح مرفوعا والله أعلم . وقد ثبت أن عمر بن الخطاب ، رضي الله عنه ، كان يكبر في قبته ، فيكبر أهل السوق بتكبيره ، حتى ترتج منى تكبيرا .
ويتعلق بذلك أيضا التكبير وذكر الله عند رمي الجمرات كل يوم من أيام التشريق . وقد جاء في الحديث الذي رواه أبو داود وغيره:"إنما جعل الطواف بالبيت ، والسعي بين الصفا والمروة ورمي الجمار ، لإقامة ذكر الله عز وجل ".
ولما ذكر الله تعالى النفر الأول والثاني ، وهو تفرق الناس من موسم الحج إلى سائر الأقاليم والآفاق بعد اجتماعهم في المشاعر والمواقف ، قال:( واتقوا الله واعلموا أنكم إليه تحشرون ) [ أي:تجتمعون يوم القيامة] ، كما قال:( وهو الذي ذرأكم في الأرض وإليه تحشرون ) [ المؤمنون:79] .