وهذا مثل المؤمنين المنفقين ( أموالهم ابتغاء مرضاة الله ) عنهم في ذلك ( وتثبيتا من أنفسهم ) أي:وهم متحققون مثبتون أن الله سيجزيهم على ذلك أوفر الجزاء ، ونظير هذا في المعنى ، قوله عليه السلام في الحديث المتفق على صحته:"من صام رمضان إيمانا واحتسابا . . . "أي:يؤمن أن الله شرعه ، ويحتسب عند الله ثوابه .
قال الشعبي:( وتثبيتا من أنفسهم ) أي:تصديقا ويقينا . وكذا قال قتادة ، وأبو صالح ، وابن زيد . واختاره ابن جرير . وقال مجاهد والحسن:أي:يتثبتون أين يضعون صدقاتهم .
وقوله:( كمثل جنة بربوة ) أي:كمثل بستان بربوة . وهو عند الجمهور:المكان المرتفع المستوي من الأرض . وزاد ابن عباس والضحاك:وتجري فيه الأنهار .
قال ابن جرير:وفي الربوة ثلاث لغات هن ثلاث قراءات:بضم الراء ، وبها قرأ عامة أهل المدينة والحجاز والعراق . وفتحها ، وهي قراءة بعض أهل الشام والكوفة ، ويقال:إنها لغة تميم . وكسر الراء ، ويذكر أنها قراءة ابن عباس .
وقوله:( أصابها وابل ) وهو المطر الشديد ، كما تقدم ، ( فآتت أكلها ) أي:ثمرتها ) ضعفين ) أي:بالنسبة إلى غيرها من الجنان . ( فإن لم يصبها وابل فطل ) قال الضحاك:هو الرذاذ ، وهو اللين من المطر . أي:هذه الجنة بهذه الربوة لا تمحل أبدا ; لأنها إن لم يصبها وابل فطل ، وأيا ما كان فهو كفايتها ، وكذلك عمل المؤمن لا يبور أبدا ، بل يتقبله الله ويكثره وينميه ، كل عامل بحسبه ; ولهذا قال:( والله بما تعملون بصير ) أي:لا يخفى عليه من أعمال عباده شيء .