وقوله:( يؤتي الحكمة من يشاء ) قال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس:يعني المعرفة بالقرآن ناسخه ومنسوخه ، ومحكمه ومتشابهه ، ومقدمه ومؤخره ، وحلاله وحرامه ، وأمثاله .
وروى جويبر ، عن الضحاك ، عن ابن عباس مرفوعا:الحكمة:القرآن . يعني:تفسيره ، قال ابن عباس:فإنه [ قد] قرأه البر والفاجر . رواه ابن مردويه .
وقال ابن أبي نجيح ، عن مجاهد:يعني بالحكمة:الإصابة في القول .
وقال ليث بن أبي سليم ، عن مجاهد:( يؤتي الحكمة من يشاء ) ليست بالنبوة ، ولكنه العلم والفقه والقرآن .
وقال أبو العالية:الحكمة خشية الله ، فإن خشية الله رأس كل حكمة .
وقد روى ابن مردويه ، من طريق بقية ، عن عثمان بن زفر الجهني ، عن أبي عمار الأسدي ، عن ابن مسعود مرفوعا:"رأس الحكمة مخافة الله ".
وقال أبو العالية في رواية عنه:الحكمة:الكتاب والفهم . وقال إبراهيم النخعي:الحكمة:الفهم . وقال أبو مالك:الحكمة:السنة . وقال ابن وهب ، عن مالك ، قال زيد بن أسلم:الحكمة:العقل . قال مالك:وإنه ليقع في قلبي أن الحكمة هو الفقه في دين الله ، وأمر يدخله الله في القلوب من رحمته وفضله ، ومما يبين ذلك ، أنك تجد الرجل عاقلا في أمر الدنيا ذا نظر فيها ، وتجد آخر ضعيفا في أمر دنياه ، عالما بأمر دينه ، بصيرا به ، يؤتيه الله إياه ويحرمه هذا ، فالحكمة:الفقه في دين الله .
وقال السدي:الحكمة:النبوة .
والصحيح أن الحكمة كما قاله الجمهور لا تختص بالنبوة ، بل هي أعم منها ، وأعلاها النبوة ، والرسالة أخص ، ولكن لأتباع الأنبياء حظ من الخير على سبيل التبع ، كما جاء في بعض الأحاديث:"من حفظ القرآن فقد أدرجت النبوة بين كتفيه غير أنه لا يوحى إليه ". رواه وكيع بن الجراح في تفسيره ، عن إسماعيل بن رافع عن رجل لم يسمه ، عن عبد الله بن عمر وقوله .
وقال الإمام أحمد:حدثنا وكيع ويزيد قالا:حدثنا إسماعيل يعني ابن أبي خالد عن قيس وهو ابن أبي حازم عن ابن مسعود قال:سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"لا حسد إلا في اثنتين:رجل آتاه الله مالا فسلطه على هلكته في الحق ، ورجل آتاه الله حكمة فهو يقضي بها ويعلمها ".
وهكذا رواه البخاري ، ومسلم ، والنسائي ، وابن ماجه من طرق متعددة عن إسماعيل بن أبي خالد ، به .
وقوله:( وما يذكر إلا أولو الألباب ) أي:وما ينتفع بالموعظة والتذكار إلا من له لب وعقل يعي به الخطاب ومعنى الكلام .