وقوله:( فاستجبنا له ونجيناه من الغم ) أي:أخرجناه من بطن الحوت ، وتلك الظلمات ، ( وكذلك ننجي المؤمنين ) أي:إذا كانوا في الشدائد ودعونا منيبين إلينا ، ولا سيما إذا دعوا بهذا الدعاء في حال البلاء ، فقد جاء الترغيب في الدعاء بها عن سيد الأنبياء ، قال الإمام أحمد:
حدثنا إسماعيل بن عمر ، حدثنا يونس بن أبي إسحاق الهمداني ، حدثنا إبراهيم بن محمد بن سعد ، حدثني والدي محمد عن أبيه سعد ، - وهو ابن أبي وقاص - قال:مررت بعثمان بن عفان ، رضي الله عنه ، في المسجد ، فسلمت عليه ، فملأ عينيه مني ثم لم يردد علي السلام ، فأتيت عمر بن الخطاب فقلت:يا أمير المؤمنين ، هل حدث في الإسلام شيء؟ مرتين ، قال:لا وما ذاك؟ قلت:لا إلا أني مررت بعثمان آنفا في المسجد ، فسلمت عليه ، فملأ عينيه مني ، ثم لم يردد علي السلام . قال:فأرسل عمر إلى عثمان فدعاه ، فقال:ما منعك ألا تكون رددت على أخيك السلام؟ قال:ما فعلت . قال سعد:قلت:بلى حتى حلف وحلفت ، قال:ثم إن عثمان ذكر فقال:بلى ، وأستغفر الله وأتوب إليه ، إنك مررت بي آنفا وأنا أحدث نفسي بكلمة سمعتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم لا والله ما ذكرتها قط إلا تغشى بصري وقلبي غشاوة . قال سعد:فأنا أنبئك بها ، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر لنا [ أول دعوة] ثم جاء أعرابي فشغله ، حتى قام رسول الله صلى الله عليه وسلم فاتبعته ، فلما أشفقت أن يسبقني إلى منزله ضربت بقدمي الأرض ، فالتفت إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:"من هذا؟ أبو إسحاق ؟ "قال:قلت:نعم ، يا رسول الله . قال:"فمه؟ "قلت:لا والله ، إلا إنك ذكرت لنا أول دعوة ، ثم جاء هذا الأعرابي فشغلك . قال:"نعم ، دعوة ذي النون ، إذ هو في بطن الحوت:( لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين ) ، فإنه لم يدع بها مسلم ربه في شيء قط إلا استجاب له ".
ورواه الترمذي ، والنسائي في "اليوم والليلة "، من حديث إبراهيم بن محمد بن سعد ، عن أبيه ، عن سعد ، به .
وقال ابن أبي حاتم:حدثنا أبو سعيد الأشج ، حدثنا أبو خالد الأحمر ، عن كثير بن زيد ، عن المطلب بن حنطب - قال أبو خالد:أحسبه عن مصعب ، يعني:ابن سعد - عن سعد قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"من دعا بدعاء يونس ، استجيب له ". قال أبو سعيد:يريد به ( وكذلك ننجي المؤمنين ) .
وقال ابن جرير:حدثني عمران بن بكار الكلاعي ، حدثنا يحيى بن صالح ، حدثنا أبو يحيى بن عبد الرحمن ، حدثني بشر بن منصور ، عن علي بن زيد ، عن سعيد بن المسيب قال:سمعت سعد بن مالك - وهو ابن أبي وقاص - يقول:سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"اسم الله الذي إذا دعي به أجاب ، وإذا سئل به أعطى ، دعوة يونس بن متى ". قال:قلت:يا رسول الله ، هي ليونس خاصة أم لجماعة المسلمين؟ قال:هي ليونس بن متى خاصة وللمؤمنين عامة ، إذا دعوا بها ، ألم تسمع قول الله عز وجل:(:فنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين فاستجبنا له ونجيناه من الغم وكذلك ننجي المؤمنين ) . فهو شرط من الله لمن دعاه به ".
وقال ابن أبي حاتم:حدثنا أبي ، حدثنا أحمد بن أبي سريج ، حدثنا داود بن المحبر بن قحذم المقدسي ، عن كثير بن معبد قال:سألت الحسن ، قلت:يا أبا سعيد ، اسم الله الأعظم الذي إذا دعي به أجاب ، وإذا سئل به أعطى؟ قال:ابن أخي ، أما تقرأ القرآن؟ قول الله:( وذا النون إذ ذهب مغاضبا ) إلى قوله:( المؤمنين ) ، ابن أخي ، هذا اسم الله الأعظم ، الذي إذا دعي به أجاب ، وإذا سئل به أعطى .