وهذا أيضا من الدلالة على قدرته وعظيم سلطانه ، فإنه يرسل الرياح ، فتثير سحابا ، فيمطر على الأرض الجرز التي لا نبات فيها ، وهي هامدة يابسة سوداء قحلة ، ( فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت ) [ الحج:5] .
وقوله:( فتصبح الأرض مخضرة ) ، الفاء هاهنا للتعقيب ، وتعقيب كل شيء بحسبه ، كما قال:( خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاما ) [ المؤمنون:14] ، وقد ثبت في الصحيحين:"أن بين كل شيئين أربعين يوما "ومع هذا هو معقب بالفاء ، وهكذا هاهنا قال:( فتصبح الأرض مخضرة ) أي:خضراء بعد يبسها ومحولها .
وقد ذكر عن بعض أهل الحجاز:أنها تصبح عقب المطر خضراء ، فالله أعلم .
وقوله:( إن الله لطيف خبير ) أي:عليم بما في أرجاء الأرض وأقطارها وأجزائها من الحب وإن صغر ، لا يخفى عليه خافية ، فيوصل إلى كل منه قسطه من الماء فينبته به ، كما قال لقمان:( يا بني إنها إن تك مثقال حبة من خردل فتكن في صخرة أو في السماوات أو في الأرض يأت بها الله إن الله لطيف خبير ) [ لقمان:16] ، وقال:( ألا يسجدوا لله الذي يخرج الخبء في السماوات والأرض ) [ النمل:25] ، وقال تعالى:( وما تسقط من ورقة إلا يعلمها ولا حبة في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين ) [ الأنعام:59] ، وقال ( وما يعزب عن ربك من مثقال ذرة ) الآية [ يونس:61] ; ولهذا قال أمية بن [ أبي] الصلت أو:زيد بن عمرو بن نفيل في قصيدته:
وقولا له:من ينبت الحب في الثرى فيصبح منه البقل يهتز رابيا؟ ويخرج منه حبه في رءوسه
ففي ذاك آيات لمن كان واعيا