( يلقون السمع ) أي:يسترقون السمع من السماء ، فيسمعون الكلمة من علم الغيب ، فيزيدون معها مائة كذبة ، ثم يلقونها إلى أوليائهم من الإنس فيتحدثون بها ، فيصدقهم الناس في كل ما قالوه ، بسبب صدقهم في تلك الكلمة التي سمعت من السماء ، كما صح بذلك الحديث ، كما رواه البخاري ، من حديث الزهري:أخبرني يحيى بن عروة بن الزبير ، أنه سمع عروة بن الزبير يقول:قالت عائشة ، رضي الله عنها:سأل ناس النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الكهان ، فقال:"إنهم ليسوا بشيء ". قالوا:يا رسول الله ، فإنهم يحدثون بالشيء يكون حقا ؟ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -:"تلك الكلمة من الحق يخطفها الجني ، فيقرقرها في أذن وليه كقرقرة الدجاجة ، فيخلطون معها أكثر من مائة كذبة ".
وقال البخاري أيضا:حدثنا الحميدي ، حدثنا سفيان ، حدثنا عمرو قال:سمعت عكرمة يقول:سمعت أبا هريرة يقول:إن نبي الله - صلى الله عليه وسلم - قال:"إذا قضى الله الأمر في السماء ، ضربت الملائكة بأجنحتها خضعانا لقوله ، كأنها سلسلة على صفوان ، حتى إذا فزع عن قلوبهم قالوا:ماذا قال ربكم ؟ قالوا للذي قال:الحق وهو العلي الكبير . فيسمعها مسترقو السمع ، ومسترقو السمع ، هكذا بعضهم فوق بعض ". ووصف سفيان بيده فحرفها ، وبدد بين أصابعه "فيسمع الكلمة ، فيلقيها إلى من تحته ، ثم يلقيها الآخر إلى من تحته ، حتى يلقيها على لسان الساحر - أو الكاهن - فربما أدركه الشهاب قبل أن يلقيها ، وربما ألقاها قبل أن يدركه ، فيكذب معها مائة كذبة . فيقال:أليس قد قال لنا يوم كذا وكذا:كذا وكذا ؟ فيصدق بتلك الكلمة التي سمع من السماء ". انفرد به البخاري .
وروى مسلم من حديث الزهري ، عن علي بن الحسين ، عن ابن عباس ، عن رجال من الأنصار قريبا من هذا . وسيأتي عند قوله تعالى في سبأ:( حتى إذا فزع عن قلوبهم ) الآية [ سبأ:23] ، [ إن شاء الله تعالى] .
وقال البخاري:وقال الليث:حدثني خالد بن يزيد ، عن سعيد بن أبي هلال:أن أبا الأسود أخبره ، عن عروة ، عن عائشة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال:"إن الملائكة تحدث في العنان - والعنان:الغمام - بالأمر [ يكون] في الأرض ، فتسمع الشياطين الكلمة ، فتقرها في أذن الكاهن كما تقر القارورة ، فيزيدون معها مائة كذبة ".
وقال البخاري في موضع آخر من كتاب "بدء الخلق "عن سعيد بن أبي مريم ، عن الليث ، عن عبد الله بن أبي جعفر ، عن أبي الأسود محمد بن عبد الرحمن ، عن عروة ، عن عائشة ، بنحوه .