يخبر تعالى عن طغاة ثمود ورءوسهم الذين كانوا دعاة قومهم إلى الضلالة والكفر وتكذيب صالح ، وآل بهم الحال إلى أنهم عقروا الناقة ، وهموا بقتل صالح أيضا ، بأن يبيتوه في أهله ليلا فيقتلوه غيلة ، ثم يقولوا لأوليائه من أقربيه:إنهم ما علموا بشيء من أمره ، وإنهم لصادقون فيما أخبروهم به ، من أنهم لم يشاهدوا ذلك ، فقال تعالى:( وكان في المدينة ) أي:مدينة ثمود ، ( تسعة رهط ) أي:تسعة نفر ، ( يفسدون في الأرض ولا يصلحون ) وإنما غلب هؤلاء على أمر ثمود ; لأنهم كانوا كبراء فيهم ورؤساءهم .
قال العوفي ، عن ابن عباس:هؤلاء هم الذين عقروا الناقة ، أي:الذي صدر ذلك عن آرائهم ومشورتهم - قبحهم الله ولعنهم - وقد فعل ذلك .
وقال السدي ، عن أبي مالك ، عن ابن عباس:كان أسماء هؤلاء التسعة:دعمي ، ودعيم ، وهرما ، وهريم ، وداب ، وصواب ، ورياب ، ومسطع ، وقدار بن سالف عاقر الناقة ، أي:الذي باشر ذلك بيده . قال الله تعالى:( فنادوا صاحبهم فتعاطى فعقر ) [ القمر:29] ، وقال تعالى ( إذ انبعث أشقاها ) [ الشمس:12] .
وقال عبد الرزاق:أنبأنا يحيى بن ربيعة الصنعاني ، سمعت عطاء - هو ابن أبي رباح - يقول:( وكان في المدينة تسعة رهط يفسدون في الأرض ولا يصلحون ) قال:كانوا يقرضون الدراهم ، يعني:أنهم كانوا يأخذون منها ، وكأنهم كانوا يتعاملون بها عددا ، كما كان العرب يتعاملون .
وقال الإمام مالك ، عن يحيى بن سعيد ، عن سعيد بن المسيب أنه قال:قطع الذهب والورق من الفساد في الأرض .
وفي الحديث - الذي رواه أبو داود وغيره -:أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن كسر سكة المسلمين الجائزة بينهم إلا من بأس .
والغرض أن هؤلاء الكفرة الفسقة ، كان من صفاتهم الإفساد في الأرض بكل طريق يقدرون عليها ، فمنها ما ذكره هؤلاء الأئمة وغير ذلك .