قال:( إني أريد أن أنكحك إحدى ابنتي هاتين ) أي:طلب إليه هذا الرجل الشيخ الكبير أن يرعى عنه ويزوجه إحدى ابنتيه هاتين .
قال شعيب الجبائي:وهما صفورا ، وليا .
وقال محمد بن إسحاق:صفورا وشرقا ، ويقال:ليا . وقد استدل أصحاب أبي حنيفة [ رحمه الله تعالى] بهذه الآية على صحة البيع فيما إذا قال:"بعتك أحد هذين العبدين بمائة . فقال:اشتريت "أنه يصح ، والله أعلم .
وقوله:( على أن تأجرني ثماني حجج فإن أتممت عشرا فمن عندك ) أي:على أن ترعى علي ثماني سنين ، فإن تبرعت بزيادة سنتين فهو إليك ، وإلا ففي ثمان كفاية ، ( وما أريد أن أشق عليك ستجدني إن شاء الله من الصالحين ) أي:لا أشاقك ، ولا أؤاذيك ، ولا أماريك .
وقد استدلوا بهذه الآية الكريمة لمذهب الأوزاعي ، فيما إذا قال:"بعتك هذا بعشرة نقدا ، أو بعشرين نسيئة "أنه يصح ، ويختار المشتري بأيهما أخذه صح . وحمل الحديث المروي في سنن أبي داود:"من باع بيعتين في بيعة ، فله أوكسهما أو الربا "على هذا المذهب . وفي الاستدلال بهذه الآية وهذا الحديث على هذا المذهب نظر ، ليس هذا موضع بسطه لطوله . والله أعلم .
ثم قد استدل أصحاب الإمام أحمد ومن تبعهم ، في صحة استئجار الأجير بالطعمة والكسوة بهذه الآية ، واستأنسوا في ذلك بما رواه أبو عبد الله محمد بن يزيد بن ماجة في كتابه السنن ، حيث قال:"باب استئجار الأجير على طعام بطنه ":حدثنا محمد بن المصفى الحمصي ، حدثنا بقية بن الوليد ، عن مسلمة بن علي ، عن سعيد بن أبي أيوب ، عن الحارث بن يزيد ، عن علي بن رباح قال:سمعت عتبة بن الندر يقول:كنا عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقرأ ( طسم ) ، حتى إذا بلغ قصة موسى قال:"إن موسى أجر نفسه ثماني سنين أو:عشر سنين على عفة فرجه وطعام بطنه .
وهذا الحديث من هذا الوجه ضعيف ، لأن مسلمة بن علي وهو الخشني الدمشقي البلاطي ضعيف الرواية عند الأئمة ، ولكن قد روي من وجه آخر ، وفيه نظر أيضا .
وقال ابن أبي حاتم:حدثنا أبو زرعة ، حدثنا صفوان ، حدثنا الوليد ، حدثنا عبد الله بن لهيعة ، عن الحارث بن يزيد الحضرمي ، عن علي بن رباح اللخمي قال:سمعت عتبة بن الندر السلمي - صاحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يحدث أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:"إن موسى آجر نفسه بعفة فرجه ، وطعمة بطنه ".