المفردات:
تأجرني: تكون أجيرا لي ،وفي القاموس: أجره يأجره ،جزاه ،كآجره ،والأجر: الجزاء على العمل .
حجج: جمع حجة بكسر الحاء وهي السنة .
أشق عليك: أوقعك في المشقة والصعاب .
التفسير:
27-{قال إني أريد أن أنكحك إحدى ابنتي هاتين على أن تأجرني ثماني حجج فإن أتممت عشرا فمن عندك وما أريد أن أشق عليك ستجدني إن شاء الله من الصالحين}
أي: قال شعيب لموسى: إني أريد أن أزوجك واحدة من ابنتي هاتين ،الكبرى أو الصغرى ،ولك أن تختار من تروق لك ،على أن يكون مهرها أن تعمل عندي أجيرا لرعي الغنم ثماني سنوات ،فإن أتممت عشرا في الخدمة والعمل فهذا تفضل منك وتطوع وتبرع لا ألزمك به ،وما أريد أن أصعب عليك الأمر فألزمك بأبعد الأجلين ،ولا أشدد عليك في العمل بل ستجد المياسرة والسماح ،وستجدني إن شاء الله من الصالحين ،المحسنين للمعاملة الموفين للعهد ،وفي هذه الآية سنّة حسنة ،حيث عرض صالح مدين ابنته على صالح بني إسرائيل ،وعلى هذه السنة سار الخلفاء ،فقد عرض عمر بن الخطاب ابنته حفصة على أبي بكر وعثمان ،فلا بأس بعرض الرجل ابنته ،والمرأة تعرض نفسها على الرجل الصالح ،اقتداء بالسلف الصالح .
ونلاحظ أن الأب عرض إحدى ابنتيه فهو عرض لا عقد ،لأنه لو كان عقدا لعين المعقود عليها له لأن العلماء اتفقوا على أنه لا يجوز الإبهام في النكاح ،فلا بد من تعيين المعقود عليها .
أما تعيين الفتاة فقد حدث عند العقد ،أن اختار موسى إحداهما للزواج منه ،وتم الزواج وبدأ تنفيذه والالتزام بالأجرة ،وتنفيذ الشروط حتى تم الأجل المتفق عليه .
وفي الآية تيسير الزواج والمعاونة على إتمامه ،والأخذ بيد الشباب ليقفوا على أقدامهم ويفتحوا بيتا في الحلال .
وفي صحيح البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم زوج رجلا امرأة على أن يعلمها عشرين آية ،وإذا وسّع الله عليه عوّضها ،وهذا يعبر عن روح الإسلام في تيسير العفة والتصون ،وتعاون الأغنياء والصلحاء والجمعيات الخيرية في حل أزمة الزواج ،وتيسير التعارف بين الراغبين فيه ،وتيسير المسكن والحياة الزوجية ،وبذلك نوسع فرص الحلال ،ونقضي على الشذوذ والانحراف والزنا والخيانة ،وتعود إلينا قيمنا الأصيلة ،ومنها العفة والاستقامة والتطهر ،وغض البصر وحفظ الفرج والبعد عن الريبة والفاحشة .