وقوله:( وأن ألق عصاك ) أي:التي في يدك . كما قرره على ذلك في قوله:( وما تلك بيمينك ياموسى قال هي عصاي أتوكأ عليها وأهش بها على غنمي ولي فيها مآرب أخرى ) [ طه:17 ، 18] . والمعنى:أما هذه عصاك التي تعرفها ألقها ( فألقاها فإذا هي حية تسعى ) فعرف وتحقق أن الذي يخاطبه ويكلمه هو الذي يقول للشيء:كن ، فيكون . كما تقدم بيان ذلك في سورة "طه ".
وقال هاهنا:( فلما رآها تهتز ) أي:تضطرب ( كأنها جان ) أي:في حركتها السريعة مع عظم خلق قوائمها واتساع فمها ، واصطكاك أنيابها وأضراسها ، بحيث لا تمر بصخرة إلا ابتلعتها ، فتنحدر في فيها تتقعقع ، كأنها حادرة في واد . فعند ذلك ( ولى مدبرا ولم يعقب ) أي:ولم يكن يلتفت ; لأن طبع البشرية ينفر من ذلك . فلما قال الله له:( يا موسى أقبل ولا تخف إنك من الآمنين ) ، رجع فوقف في مقامه الأول .