القول في تأويل قوله تعالى:وَأَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّى مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ يَا مُوسَى أَقْبِلْ وَلا تَخَفْ إِنَّكَ مِنَ الآمِنِينَ (31)
يقول تعالى ذكره:نودي موسى:أَنْ يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ * وَأَنْ أَلْقِ عَصَاكَفألقاها موسى, فصارت حية تسعى.
( فَلَمَّا رَآهَا ) موسى ( تَهْتَزُّ )يقول:تتحرك وتضطرب ( كَأَنَّهَا جَانٌّ ) والجانّ واحد الجِنّان, وهي نوع معروف من أنواع الحيات, وهي منها عظام. ومعنى الكلام:كأنها جانّ من الحيات ( وَلَّى مُدْبِرًا ) يقول:ولى موسى هاربا منها.
كما حدثنا بشر, قال:ثنا يزيد, قال:ثنا سعيد, عن قَتادة ( وَلَّى مُدْبِرًا ) فارا منها، ( وَلَمْ يُعَقِّبْ ) يقول:ولم يرجع على عقبه.
وقد ذكرنا الرواية في ذلك, وما قاله أهل التأويل فيما مضى, فكرهنا إعادته, غير أنا نذكر في ذلك بعض ما لم نذكره هنالك.
حدثنا بشر, قال:ثنا يزيد, قال:ثنا سعيد, عن قَتادة ( وَلَمْ يُعَقِّبْ ) يقول:ولم يعقب, أي لم يلتفت من الفرق.
حدثنا موسى, قال:ثنا عمرو, قال:ثنا أسباط, عن السدي ( وَلَمْ يُعَقِّبْ ) يقول:لم ينتظر.
وقوله:( يَا مُوسَى أَقْبِلْ وَلا تَخَفْ ) يقول تعالى ذكره:فنودي موسى:يا موسى أقبل إليّ ولا تخف من الذي تهرب منه ( إِنَّكَ مِنَ الآمِنِينَ ) من أن يضرّك, إنما هو عصاك.