وقوله:( لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم ) أي:من جنسهم ليتمكنوا من مخاطبته وسؤاله ومجالسته والانتفاع به ، كما قال تعالى:( ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها ) [ الروم:21] أي:من جنسكم . وقال تعالى:( قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي ) [ الكهف:110] وقال تعالى:( وما أرسلنا قبلك من المرسلين إلا إنهم ليأكلون الطعام ويمشون في الأسواق ) [ الفرقان:20] وقال تعالى:( وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا نوحي إليهم من أهل القرى ) [ يوسف:109] وقال تعالى:( يا معشر الجن والإنس ألم يأتكم رسل منكم ) [ الأنعام:130] فهذا أبلغ في الامتنان أن يكون الرسل إليهم منهم ، بحيث يمكنهم مخاطبته ومراجعته في فهم الكلام عنه ، ولهذا قال:( يتلو عليهم آياته ) يعني:القرآن ) ويزكيهم ) أي:يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر لتزكو نفوسهم وتطهر من الدنس والخبث الذي كانوا متلبسين به في حال شركهم وجاهليتهم ( ويعلمهم الكتاب والحكمة ) يعني:القرآن والسنة ( وإن كانوا من قبل ) أي:من قبل هذا الرسول ( لفي ضلال مبين ) أي:لفي غي وجهل ظاهر جلي بين لكل أحد .