وقوله:( فرحين بما آتاهم الله [ من فضله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ألا خوف عليهم ولا هم يحزنون] ) أي:الشهداء الذين قتلوا في سبيل الله أحياء عند الله ، وهم فرحون مما هم فيه من النعمة والغبطة ، ومستبشرون بإخوانهم الذين يقتلون بعدهم في سبيل الله أنهم يقدمون عليهم ، وأنهم لا يخافون مما أمامهم ولا يحزنون على ما تركوه وراءهم .
قال محمد بن إسحاق ( ويستبشرون ) أي:ويسرون بلحوق من خلفهم من إخوانهم على ما مضوا عليه من جهادهم ، ليشركوهم فيما هم فيه من ثواب الله الذي أعطاهم .
[ و] قال السدي:يؤتى الشهيد بكتاب فيه:"يقدم عليك فلان يوم كذا وكذا ، ويقدم عليك فلان يوم كذا وكذا ، فيسر بذلك كما يسر أهل الدنيا بقدوم غيابهم ".
وقال سعيد بن جبير:لما دخلوا الجنة ورأوا ما فيها من الكرامة للشهداء قالوا:يا ليت إخواننا الذين في الدنيا يعلمون ما عرفناه من الكرامة ، فإذا شهدوا للقتال باشروها بأنفسهم ، حتى يستشهدوا فيصيبوا ما أصبنا من الخير ، فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بأمرهم وما هم فيه من الكرامة ، وأخبرهم - أي ربهم - [ أني] قد أنزلت على نبيكم وأخبرته بأمركم ، وما أنتم فيه ، فاستبشروا بذلك ، فذلك قوله:( ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ) الآية .
وقد ثبت في الصحيحين عن أنس ، رضي الله عنه ، في قصة أصحاب بئر معونة السبعين من الأنصار ، الذين قتلوا في غداة واحدة ، وقنت رسول الله صلى الله عليه وسلم على الذين قتلوهم ، يدعو عليهم ويلعنهم ، قال أنس:ونزل فيهم قرآن قرأناه حتى رفع:"أن بلغوا عنا قومنا أنا لقينا ربنا فرضي عنا وأرضانا ".