قال الإمام أحمد:حدثنا موسى بن داود ، حدثنا فليح بن سليمان ، عن هلال بن علي عن عطاء بن يسار قال:لقيت عبد الله بن عمرو بن العاص فقلت:أخبرني عن صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم في التوراة . قال:أجل ، والله إنه لموصوف في التوراة بصفته في القرآن:( يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا ) وحرزا للأميين ، أنت عبدي ورسولي ، سميتك المتوكل ، لست بفظ ولا غليظ ولا سخاب في الأسواق ، ولا يدفع السيئة بالسيئة ، ولكن يعفو ويغفر ، ولن يقبضه الله حتى يقيم به الملة العوجاء ، بأن لا إله إلا الله ، فيفتح بها أعينا عميا ، وآذانا صما ، وقلوبا غلفا ".
وقد رواه البخاري في "البيوع "عن محمد بن سنان ، عن فليح بن سليمان ، عن هلال بن علي به . ورواه في التفسير عن عبد الله - قيل:ابن رجاء ، وقيل:ابن صالح - عن عبد العزيز بن أبي سلمة ، عن هلال ، عن عطاء بن يسار ، عن عبد الله بن عمرو ، به . ورواه ابن أبي حاتم ، عن أبيه ، عن عبد الله بن رجاء ، عن عبد العزيز بن أبي سلمة الماجشون ، به .
وقال البخاري في البيوع:وقال سعيد ، عن هلال ، عن عطاء ، عن عبد الله بن سلام .
وقال وهب بن منبه:إن الله أوحى إلى نبي من أنبياء بني إسرائيل - يقال له:شعياء - أن قم في قومك بني إسرائيل ، فإني منطق لسانك بوحي وأبعث أميا من الأميين ، أبعثه [ مبشرا] ليس بفظ ولا غليظ ولا سخاب في الأسواق ، لو يمر إلى جنب سراج لم يطفئه ، من سكينته ، ولو يمشي على القصب لم يسمع من تحت قدميه ، أبعثه مبشرا ونذيرا ، لا يقول الخنا ، أفتح به أعينا كمها ، وآذانا صما ، وقلوبا غلفا ، أسدده لكل أمر جميل ، وأهب له كل خلق كريم ، وأجعل السكينة لباسه ، والبر شعاره ، والتقوى ضميره ، والحكمة منطقه ، والصدق والوفاء طبيعته ، والعفو والمعروف خلقه ، والحق شريعته ، والعدل سيرته ، والهدى إمامه ، والإسلام ملته ، وأحمد اسمه ، أهدي به بعد الضلالة ، وأعلم به بعد الجهالة ، وأرفع به بعد الخمالة ، وأعرف به بعد النكرة ، وأكثر به بعد القلة ، وأغني به بعد العيلة ، وأجمع به بعد الفرقة ، وأؤلف به بين أمم متفرقة ، وقلوب مختلفة ، وأهواء متشتتة ، وأستنقذ به فئاما من الناس عظيمة من الهلكة ، وأجعل أمته خير أمة أخرجت للناس ، يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ، موحدين مؤمنين مخلصين ، مصدقين لما جاءت به رسلي ، ألهمهم التسبيح والتحميد ، والثناء والتكبير والتوحيد ، في مساجدهم ومجالسهم ، ومضاجعهم ومنقلبهم ومثواهم ، يصلون لي قياما وقعودا ، ويقاتلون في سبيل الله صفوفا وزحوفا ، ويخرجون من ديارهم ابتغاء مرضاتي ألوفا ، يطهرون الوجوه والأطراف ، ويشدون الثياب في الأنصاف ، قربانهم دماؤهم ، وأناجيلهم في صدورهم ، رهبان بالليل ليوث بالنهار ، وأجعل في أهل بيته وذريته السابقين والصديقين والشهداء والصالحين ، أمته من بعده يهدون بالحق وبه يعدلون ، أعز من نصرهم ، وأؤيد من دعا لهم ، وأجعل دائرة السوء على من خالفهم أو بغى عليهم ، أو أراد أن ينتزع شيئا مما في أيديهم . أجعلهم ورثة لنبيهم ، والداعية إلى ربهم ، يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ، ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ، ويوفون بعهدهم ، أختم بهم الخير الذي بدأته بأولهم ، ذلك فضلي أوتيه من أشاء ، وأنا ذو الفضل العظيم .
هكذا رواه ابن أبي حاتم ، عن وهب بن منبه اليماني ، رحمه الله .
ثم قال ابن أبي حاتم:حدثنا أبي ، حدثنا عبد الرحمن بن صالح ، حدثنا عبد الرحمن بن محمد بن عبيد الله العرزمي ، عن شيبان النحوي ، أخبرني قتادة ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قال:لما نزلت:( يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا ) - وقد كان أمر عليا ومعاذا أن يسيرا إلى اليمن - فقال:"انطلقا فبشرا ولا تنفرا ، ويسرا ولا تعسرا ، إنه قد أنزل علي:( يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا ) .
ورواه الطبراني عن محمد بن نصر بن حميد البزاز البغدادي ، عن عبد الرحمن بن صالح الأزدي ، عن عبد الرحمن [ بن محمد] بن عبيد الله العرزمي ، بإسناده مثله . وقال في آخره:"فإنه قد أنزل علي:يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدا على أمتك ومبشرا بالجنة ، ونذيرا من النار ، وداعيا إلى شهادة أن لا إله إلا الله بإذنه ، وسراجا منيرا بالقرآن ".
وقوله:( شاهدا ) أي:لله بالوحدانية ، وأنه لا إله غيره ، وعلى الناس بأعمالهم يوم القيامة ، ( وجئنا بك على هؤلاء شهيدا ) ، [ كقوله:( لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا )] [ البقرة:143] .
وقوله:( ومبشرا ونذيرا ) أي:بشيرا للمؤمنين بجزيل الثواب ، ونذيرا للكافرين من وبيل العقاب .