وقوله:( إلا من خطف الخطفة ) أي:إلا من اختطف من الشياطين الخطفة ، وهي الكلمة يسمعها من السماء فيلقيها إلى الذي تحته ، ويلقيها الآخر إلى الذي تحته ، فربما أدركه الشهاب قبل أن يلقيها وربما ألقاها بقدر الله قبل أن يأتيه الشهاب فيحرقه ، فيذهب بها الآخر إلى الكاهن ، كما تقدم في الحديث ، ولهذا قال:( إلا من خطف الخطفة فأتبعه شهاب ثاقب ) أي:مستنير .
قال ابن جرير:حدثنا أبو كريب ، حدثنا وكيع ، عن إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال:كان للشياطين مقاعد في السماء فكانوا يستمعون الوحي . قال:وكانت النجوم لا تجري ، وكانت الشياطين لا ترمى قال:فإذا سمعوا الوحي نزلوا إلى الأرض ، فزادوا في الكلمة تسعا . قال:فلما بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جعل الشيطان إذا قعد مقعده جاء شهاب فلم يخطئه حتى يحرقه . قال:فشكوا ذلك إلى إبليس ، فقال:ما هو إلا من أمر حدث . قال:فبث جنوده ، فإذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قائم يصلي بين جبلي نخلة - قال وكيع:يعني بطن نخلة - قال:فرجعوا إلى إبليس فأخبروه ، فقال:هذا الذي حدث .
وستأتي الأحاديث الواردة مع الآثار في هذا المعنى عند قوله تعالى إخبارا عن الجن أنهم قالوا:( وأنا لمسنا السماء فوجدناها ملئت حرسا شديدا وشهبا . وأنا كنا نقعد منها مقاعد للسمع فمن يستمع الآن يجد له شهابا رصدا . وأنا لا ندري أشر أريد بمن في الأرض أم أراد بهم ربهم رشدا ) [ الجن:8 - 10] .