وقوله:( ألا إنهم في مرية من لقاء ربهم ) أي:في شك من قيام الساعة ; ولهذا لا يتفكرون فيه ، ولا يعملون له ، ولا يحذرون منه ، بل هو عندهم هدر لا يعبئون به وهو واقع لا ريب فيه وكائن لا محالة .
قال ابن أبي الدنيا:حدثنا أحمد بن إبراهيم ، حدثنا خلف بن تميم ، حدثنا عبد الله بن محمد بن سعيد الأنصاري أن عمر بن عبد العزيز صعد المنبر ، فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال:أما بعد ، أيها الناس ، فإني لم أجمعكم لأمر أحدثه فيكم ، ولكن فكرت في هذا الأمر الذي أنتم إليه صائرون ، فعلمت أن المصدق بهذا الأمر أحمق ، والمكذب به هالك ثم نزل .
ومعنى قوله ، رضي الله عنه:"أن المصدق به أحمق "أي:لأنه لا يعمل له عمل مثله ، ولا يحذر منه ولا يخاف من هوله ، وهو مع ذلك مصدق به موقن بوقوعه ، وهو مع ذلك يتمادى في لعبه وغفلته وشهواته وذنوبه ، فهو أحمق بهذا الاعتبار ، والأحمق في اللغة:ضعيف العقل .
وقوله:"والمكذب به هالك "هذا واضح ، والله أعلم .
ثم قال تعالى - مقررا على أنه على كل شيء قدير ، وبكل شيء محيط ، وإقامة الساعة لديه يسير سهل عليه تبارك وتعالى -:( ألا إنه بكل شيء محيط ) أي:المخلوقات كلها تحت قهره وفي قبضته ، وتحت طي علمه ، وهو المتصرف فيها كلها بحكمه ، فما شاء كان وما لم يشأ لم يكن . [ آخر تفسير سورة فصلت] .