وقوله:( فاعلم أنه لا إله إلا الله ) هذا إخبار:بأنه لا إله إلا الله ، ولا يتأتى كونه آمرا بعلم ذلك ; ولهذا عطف عليه بقوله:( واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات ) وفي الصحيح أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقول:"اللهم اغفر لي خطيئتي وجهلي ، وإسرافي في أمري ، وما أنت أعلم به مني . اللهم اغفر لي هزلي وجدي ، وخطئي وعمدي ، وكل ذلك عندي ". وفي الصحيح أنه كان يقول في آخر الصلاة:"اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت ، وما أسررت وما أعلنت ، وما أسرفت ، وما أنت أعلم به مني ، أنت إلهي لا إله إلا أنت ". وفي الصحيح أنه قال:"يا أيها الناس ، توبوا إلى ربكم ، فإني أستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة "
وقال الإمام أحمد:حدثنا محمد بن جعفر ، حدثنا شعبة عن عاصم الأحول قال:سمعت عبد الله بن سرجس قال:أتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأكلت معه من طعامه ، فقلت:غفر الله لك يا رسول الله ، فقلت:أستغفر لك ؟ فقال:"نعم ، ولكم "، وقرأ:( واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات ) ، ثم نظرت إلى نغض كتفه الأيمن أو:كتفه الأيسر - شعبة الذي شك - فإذا هو كهيئة الجمع عليه الثآليل .
رواه مسلم ، والترمذي ، والنسائي ، وابن جرير ، وابن أبي حاتم من طرق ، عن عاصم الأحول به .
وفي الحديث الآخر الذي رواه أبو يعلى:حدثنا محرز بن عون ، حدثنا عثمان بن مطر ، حدثنا عبد الغفور ، عن أبي نصيرة ، عن أبي رجاء ، عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه ، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال:"عليكم بلا إله إلا الله والاستغفار ، فأكثروا منهما ، فإن إبليس قال:أهلكت الناس بالذنوب ، وأهلكوني ب "لا إله إلا الله "والاستغفار ، فلما رأيت ذلك أهلكتهم بالأهواء ، فهم يحسبون أنهم مهتدون ".
وفي الأثر المروي:"قال إبليس:وعزتك وجلالك لا أزال أغويهم ما دامت أرواحهم في أجسادهم . فقال الله عز وجل:وعزتي وجلالي ولا أزال أغفر لهم ما استغفروني "
والأحاديث في فضل الاستغفار كثيرة جدا .
وقوله:( والله يعلم متقلبكم ومثواكم ) أي:يعلم تصرفكم في نهاركم ومستقركم في ليلكم ، كقوله:( وهو الذي يتوفاكم بالليل ويعلم ما جرحتم بالنهار ) [ الأنعام:60] ، وكقوله:( وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها ويعلم مستقرها ومستودعها كل في كتاب مبين ) [ هود:6] . وهذا القول ذهب إليه ابن جريج ، وهو اختيار ابن جرير . وعن ابن عباس:متقلبكم في الدنيا ، ومثواكم في الآخرة .
وقال السدي:متقلبكم في الدنيا ، ومثواكم في قبوركم .
والأول أولى وأظهر ، والله أعلم .