وقوله:( فهل ينظرون إلا الساعة أن تأتيهم بغتة ) أي:وهم غافلون عنها ، ( فقد جاء أشراطها ) أي:أمارات اقترابها ، كقوله تعالى:( هذا نذير من النذر الأولى أزفت الآزفة ) [ النجم:56 ، 57] ، وكقوله:( اقتربت الساعة وانشق القمر ) [ القمر:1] وقوله:( أتى أمر الله فلا تستعجلوه ) [ النحل:1] ، وقوله:( اقترب للناس حسابهم وهم في غفلة معرضون ) [ الأنبياء:1] فبعثة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من أشراط الساعة ; لأنه خاتم الرسل الذي أكمل الله به الدين ، وأقام به الحجة على العالمين . وقد أخبر - صلوات الله وسلامه عليه - بأمارات الساعة وأشراطها ، وأبان عن ذلك وأوضحه بما لم يؤته نبي قبله ، كما هو مبسوط في موضعه .
وقال الحسن البصري:بعثة محمد - صلى الله عليه وسلم - من أشراط الساعة . وهو كما قال ; ولهذا جاء في أسمائه عليه السلام ، أنه نبي التوبة ، ونبي الملحمة ، والحاشر الذي يحشر الناس على قدميه ، والعاقب الذي ليس بعده نبي .
وقال البخاري:حدثنا أحمد بن المقدام ، حدثنا فضيل بن سليمان ، حدثنا أبو حازم ، حدثنا سهل بن سعد قال:رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال بأصبعيه هكذا ، بالوسطى والتي تليها:"بعثت أنا والساعة كهاتين ".
ثم قال تعالى:( فأنى لهم إذا جاءتهم ذكراهم ) أي:فكيف للكافرين بالتذكر إذا جاءتهم القيامة ، حيث لا ينفعهم ذلك ، كقوله تعالى:( يومئذ يتذكر الإنسان وأنى له الذكرى ) [ الفجر:23] ،
( وقالوا آمنا به وأنى لهم التناوش من مكان بعيد ) [ سبأ:52] .