{فَهَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ السَّاعَةَ أَن تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً} هل ينتظرون إلاّ المفاجأة الحاسمة التي يقفون أمامها واجمين ذاهلين ،ذهول الرعب من النتائج القادمة كنتيجة طبيعية لذهولهم عن سماع آيات الله والإيمان بها ،الذي يشغل الإنسان عن مسؤوليته في طاعة الله ،وعن وعيه لليوم الآخر ؟{فَقَدْ جَآء أَشْرَاطُهَا} وبدأت علاماتها تفرض نفسها على الواقع الذي يحيط بهم ،وتتجلى تلك العلامات في طبيعة الحياة التي ينتظرون فيها الموت في كل لحظة ،حيث يلاقون بعدها الساعة في عالم الآخرة ،فيواجهون حساب المسؤولية ،أو في الرسالة التي جاء بها النبي ( صلى الله عليه وآله وسلّم ) باعتبارها الرسالة الأخيرة للحياة ،لأن النبي هو خاتم الأنبياء ،وقد ورد الحديث عنه: «بعثت أنا والساعة كهاتين »[ 1] ،وأشار بأصبعيه السبابة والتي تليها ..فليس بعد رسالة النبي ( صلى الله عليه وآله وسلّم ) إلا الساعة التي قد تمتد طويلاً في حساب أيامنا ،ولكنها لا تمثل شيئاً في أيام الله .
{فَأَنَّى لَهُمْ إِذَا جَآءتْهُمْ ذِكْرَاهُمْ} فكيف يتذكرون في ذلك الوقت ،وما فائدة الذكرى في حساب المصير الذي يواجهونه آنذاك ؟فقيمة الذكرى بعد الغفلة أنها تفتح للإنسان باب تصحيح الأخطاء التي حدثت في حياته ،وتغيير واقعه إلى واقعٍ أكثر استقامةً وأفضل عملاً ،وهذا ما لا مجال له عند قيام الساعة التي يُغلق فيها باب العمل ،وتفتح فيها نافذة المسؤولية على نتائج المصير ،ولهذا فلا بد لهم من مواجهة القضية في الدنيا ،لتكون الذكرى حركةً في الخط المستقيم الذي يؤدي بهم إلى الله .