وقوله:( هو الأول والآخر والظاهر والباطن ) وهذه الآية هي المشار إليها في حديث العرباض بن سارية:أنها أفضل من ألف آية .
وقال أبو داود:حدثنا عباس بن عبد العظيم ، حدثنا النضر بن محمد ، حدثنا عكرمة - يعني بن عمار - حدثنا أبو زميل قال:سألت ابن عباس فقلت:ما شيء أجده في صدري ؟ قال:ما هو ؟ قلت:والله لا أتكلم به ، قال:فقال لي أشيء من شك ؟ قال:- وضحك - قال:ما نجا من ذلك أحد قال:حتى أنزل الله ( فإن كنت في شك مما أنزلنا إليك فاسأل الذين يقرءون الكتاب من قبلك [ لقد جاءك الحق من ربك] ) الآية [ يونس:94] قال:وقال لي:إذا وجدت في نفسك شيئا فقل:( هو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم )
وقد اختلفت عبارات المفسرين في هذه الآية وأقوالهم على نحو من بضعة عشر قولا .
وقال البخاري:قال يحيى:الظاهر على كل شيء علما والباطن على كل شيء علما
قال شيخنا الحافظ المزي:يحيى هذا هو بن زياد الفراء ، له كتاب سماه:"معاني القرآن ".
وقد ورد في ذلك أحاديث ، فمن ذلك ما قال الإمام أحمد:حدثنا خلف بن الوليد ، حدثنا ابن عياش ، عن سهيل بن أبي صالح ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يدعو عند النوم:"اللهم رب السماوات السبع ، ورب العرش العظيم ، ربنا ورب كل شيء ، منزل التوراة ، والإنجيل والفرقان ، فالق الحب والنوى ، لا إله إلا أنت ، أعوذ بك من شر كل شيء أنت آخذ بناصيته ، أنت الأول ليس قبلك شيء ، وأنت الآخر ليس بعدك شيء ، وأنت الظاهر ليس فوقك شيء ، وأنت الباطن ليس دونك شيء . اقض عنا الدين ، وأغننا من الفقر "
ورواه مسلم في صحيحه:حدثني زهير بن حرب ، حدثنا جرير ، عن سهيل قال:كان أبو صالح يأمرنا إذا أراد أحدنا أن ينام:أن يضطجع على شقه الأيمن ، ثم يقول:اللهم رب السماوات ، ورب الأرض ، ورب العرش العظيم ، ربنا ورب كل شيء ، فالق الحب والنوى ، ومنزل التوراة ، والإنجيل ، والفرقان ، أعوذ بك من شر كل ذي شر أنت آخذ بناصيته ، اللهم أنت الأول فليس قبلك شيء ، وأنت الآخر فليس بعدك شيء ، وأنت الظاهر فليس فوقك شيء ، وأنت الباطن فليس دونك شيء ، اقض عنا الدين ، وأغننا من الفقر .
وكان يروي ذلك عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -
وقد روى الحافظ أبو يعلى الموصلي في مسنده عن عائشة أم المؤمنين نحو هذا ، فقال حدثنا عقبة ، حدثنا يونس ، حدثنا السري بن إسماعيل ، عن الشعبي ، عن مسروق ، عن عائشة أنها قالت:كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يأمر بفراشه فيفرش له مستقبل القبلة ، فإذا أوى إليه توسد كفه اليمنى ، ثم همس - ما يدرى ما يقول - فإذا كان في آخر الليل رفع صوته فقال:"اللهم رب السماوات السبع ورب العرش العظيم ، إله كل شيء ، ورب كل شيء ، ومنزل التوراة ، والإنجيل ، والفرقان ، فالق الحب والنوى ، أعوذ بك من شر كل شيء أنت آخذ بناصيته ، اللهم أنت الأول الذي ليس قبلك شيء ، وأنت الآخر الذي ليس بعدك شيء ، وأنت الظاهر فليس فوقك شيء ، وأنت الباطن فليس دونك شيء ، اقض عنا الدين ، وأغننا من الفقر "
السري بن إسماعيل هذا ابن عم الشعبي ، وهو ضعيف جدا والله أعلم .
وقال أبو عيسى الترمذي عند تفسير هذه الآية:حدثنا عبد بن حميد وغير واحد - المعنى واحد - قالوا:حدثنا يونس بن محمد ، حدثنا شيبان بن عبد الرحمن ، عن قتادة قال:حدث الحسن ، عن أبي هريرة قال:بينما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جالس وأصحابه ، إذ أتى عليهم سحاب فقال نبي الله - صلى الله عليه وسلم -:"هل تدرون ما هذا ؟ ". قالوا:الله ورسوله أعلم . قال:"هذا العنان ، هذه روايا الأرض تسوقه إلى قوم لا يشكرونه ولا يدعونه ". ثم قال:"هل تدرون ما فوقكم ؟ قالوا الله ورسوله أعلم ، قال:"فإنها الرقيع ، سقف محفوظ ، وموج مكفوف ". ثم قال:"هل تدرون كم بينكم وبينها ؟ "قالوا:الله ورسوله أعلم ، قال:"بينكم وبينها خمسمائة سنة ". ثم قال:"هل تدرون ما فوق ذلك ؟ "قالوا:الله ورسوله أعلم ، قال:"فإن فوق ذلك سماء بعد ما بينهما مسيرة خمسمائة سنة - حتى عد سبع سماوات - ما بين كل سماءين كما بين السماء والأرض ". ثم قال:"هل تدرون ما فوق ذلك ؟ "قالوا:الله ورسوله أعلم . قال:"فإن فوق ذلك العرش ، وبينه وبين السماء بعد ما بين السماءين ". ثم قال:"هل تدرون ما الذي تحتكم ؟ ". قالوا:الله ورسوله أعلم . قال:"فإنها الأرض ". ثم قال:"هل تدرون ما الذي تحت ذلك ؟ ". قالوا:الله ورسوله أعلم . قال:"فإن تحتها أرضا أخرى بينهما مسيرة خمسمائة سنة - حتى عد سبع أرضين - بين كل أرضين مسيرة خمسمائة سنة ". ثم قال:"والذي نفس محمد بيده ، لو أنكم دليتم بحبل إلى الأرض السفلى لهبط على الله "، ثم قرأ:( هو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم )
ثم قال الترمذي:هذا حديث غريب من هذا الوجه ، ويروى عن أيوب ، ويونس - يعني بن عبيد - وعلي بن زيد قالوا:لم يسمع الحسن من أبي هريرة . وفسر بعض أهل العلم هذا الحديث فقالوا:إنما هبط على علم الله ، وقدرته ، وسلطانه ، وعلم الله ، وقدرته ، وسلطانه في كل مكان ، وهو على العرش ، كما وصف في كتابه . انتهى كلامه
وقد روى الإمام أحمد هذا الحديث عن سريج ، عن الحكم بن عبد الملك ، عن قتادة ، عن الحسن ، عن أبي هريرة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فذكره ، وعنده بعد ما بين الأرضين مسيرة سبعمائة عام ، وقال:"لو دليتم أحدكم بحبل إلى الأرض السفلى السابعة لهبط على الله "، ثم قرأ:( هو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم )
ورواه بن أبي حاتم ، والبزار من حديث أبي جعفر الرازي ، عن قتادة ، عن الحسن ، عن أبي هريرة . . . فذكر الحديث ، ولم يذكر ابن أبي حاتم آخره وهو قوله:"لو دليتم بحبل "، وإنما قال:"حتى عد سبع أرضين بين كل أرضين مسيرة خمسمائة عام "، ثم تلا ( هو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم )
وقال البزار:لم يروه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا أبو هريرة .
ورواه ابن جرير ، عن بشر ، عن يزيد ، عن سعيد ، عن قتادة:( هو الأول والآخر والظاهر والباطن ) ذكر لنا أن نبي الله - صلى الله عليه وسلم - بينما هو جالس في أصحابه إذ ثار عليهم سحاب ، فقال:"هل تدرون ما هذا ؟ "وذكر الحديث مثل سياق الترمذي سواء ، إلا أنه مرسل من هذا الوجه ، ولعل هذا هو المحفوظ ، والله أعلم . وقد روي من حديث أبي ذر الغفاري ، رضي الله عنه وأرضاه ، رواه البزار في مسنده ، والبيهقي في كتاب الأسماء والصفات ، ولكن في إسناده نظر ، وفي متنه غرابة ونكارة ، والله سبحانه وتعالى أعلم .
وقال ابن جرير عند قوله تعالى ( ومن الأرض مثلهن ) [ الطلاق "12 "] حدثنا ابن عبد الأعلى ، حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة قال:التقى أربعة من الملائكة بين السماء والأرض ، فقال بعضهم لبعض:من أين جئت ؟ قال أحدهم:أرسلني ربي ، عز وجل ، من السماء السابعة ، وتركته ، ثم ، قال الآخر:أرسلني ربي ، عز وجل من الأرض السابعة ، وتركته ، ثم ، قال الآخر:أرسلني ربي من المشرق ، وتركته ، ثم قال الآخر:أرسلني ربي من المغرب ، وتركته ، ثم
وهذا [ حديث] غريب جدا ، وقد يكون الحديث الأول موقوفا على قتادة كما روي ها هنا من قوله ، والله أعلم .