وقوله:( هو الله الخالق البارئ المصور ) الخلق:التقدير ، والبراء:هو الفري ، وهو التنفيذ وإبراز ما قدره وقرره إلى الوجود ، وليس كل من قدر شيئا ورتبه يقدر على تنفيذه وإيجاده سوى الله عز وجل . قال الشاعر يمدح آخر
ولأنت تفري ما خلقت وبعض القوم يخلق ثم لا يفري
أي:أنت تنفذ ما خلقت ، أي:قدرت بخلاف غيرك فإنه لا يستطيع ما يريد . فالخلق:التقدير . والفري:التنفيذ . ومنه يقال:قدر الجلاد ثم فرى ، أي:قطع على ما قدره بحسب ما يريده .
وقوله تعالى:( الخالق البارئ المصور ) أي:الذي إذا أراد شيئا قال له:كن ، فيكون على الصفة التي يريد ، والصورة التي يختار . كقوله:( في أي صورة ما شاء ركبك ) [ الانفطار:8] ولهذا قال:( المصور ) أي:الذي ينفذ ما يريد إيجاده على الصفة التي يريدها .
وقوله:( له الأسماء الحسنى ) قد تقدم الكلام على ذلك في "سورة الأعراف "، وذكر الحديث المروي في الصحيحين عن أبي هريرة ، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:"إن لله تعالى تسعة وتسعين اسما ، مائة إلا واحدا ، من أحصاها دخل الجنة ، وهو وتر يحب الوتر ". وتقدم سياق الترمذي ، وابن ماجه له ، عن أبي هريرة أيضا ، وزاد بعد قوله:"وهو وتر يحب الوتر "- واللفظ للترمذي -:"هو الله الذي لا إله إلا هو ، الرحمن ، الرحيم ، الملك ، القدوس ، السلام ، المؤمن ، المهيمن ، العزيز ، الجبار ، المتكبر ، الخالق ، البارئ ، المصور ، الغفار ، القهار ، الوهاب ، الرزاق ، الفتاح ، العليم ، القابض ، الباسط ، الخافض ، الرافع ، المعز ، المذل ، السميع ، البصير ، الحكم ، العدل ، اللطيف ، الخبير ، الحليم ، العظيم ، الغفور ، الشكور ، العلي ، الكبير ، الحفيظ ، المقيت ، الحسيب ، الجليل ، الكريم ، الرقيب ، المجيب ، الواسع ، الحكيم ، الودود ، المجيد ، الباعث ، الشهيد ، الحق ، الوكيل ، القوي ، المتين ، الولي ، الحميد ، المحصي ، المبدئ ، المعيد ، المحيي ، المميت ، الحي ، القيوم ، الواجد ، الماجد ، الواحد ، الصمد ، القادر ، المقتدر ، المقدم ، المؤخر ، الأول ، الآخر ، الظاهر ، الباطن ، الوالي ، المتعالي ، البر ، التواب ، المنتقم ، العفو ، الرءوف ، مالك الملك ، ذو الجلال والإكرام ، المقسط ، الجامع ، الغني ، المغني ، المانع ، الضار ، النافع ، النور ، الهادي ، البديع ، الباقي ، الوارث ، الرشيد ، الصبور ".
وسياق ابن ماجه بزيادة ، ونقصان ، وتقديم ، وتأخير ، وقد قدمنا ذلك مبسوطا مطولا بطرقه ، وألفاظه بما أغنى عن إعادته هنا .
وقوله:( يسبح له ما في السماوات والأرض ) كقوله ( تسبح له السماوات السبع والأرض ومن فيهن وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم إنه كان حليما غفورا ) [ الإسراء:44] .
وقوله:( وهو العزيز ) أي:فلا يرام جنابه ) الحكيم ) في شرعه وقدره . وقد قال الإمام أحمد:
حدثنا أبو أحمد الزبيري ، حدثنا خالد - يعني:ابن طهمان أبو العلاء الخفاف - حدثنا نافع بن أبي نافع ، عن معقل بن يسار ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:"من قال حين يصبح ثلاث مرات:أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم ، ثم قرأ ثلاث آيات من آخر سورة الحشر ، وكل الله به سبعين ألف ملك يصلون عليه حتى يمسي ، وإن مات في ذلك اليوم مات شهيدا ، ومن قالها حين يمسي كان بتلك المنزلة ".
ورواه الترمذي ، عن محمود بن غيلان ، عن أبي أحمد الزبيري به . ، وقال:غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه .
آخر تفسير سورة الحشر ولله الحمد والمنة.