/م22
وفي آخر آية مورد للبحث يشير سبحانه إلى ستّ صفات أخرى حيث يقول تعالى:
( هو الله الخالق ) .
( البارئ ){[5225]} .
( المصوّر ) .
ولأنّ صفات الله لا تنحصر فقط بالتي ذكرت في هذه الآية فإنّه سبحانه يشير إلى صفة أساسية لذاته المقدّسة اللامتناهية ،حيث يقول عزّ وجلّ: ( له الأسماء الحسنى ) .
ولهذا السبب فإنّه سبحانه منزّه ومبرّأ من كلّ عيب ونقص ( يسبّح له ما في السماوات والأرض ) ويعتبرونه تامّاً وكاملا من كلّ نقص وعيب .
وأخيراًللتأكيد الأكثر على موضوع نظام الخلقةيشير سبحانه إلى وصفين آخرين من صفاته المقدّسة ،التي ذكر أحدهما في السابق بقوله تعالى: ( وهو العزيز الحكيم ) .
الأولى دليل كمال قدرته على كلّ شيء ،وغلبته على كلّ قوّة .
والثانية إشارة إلى علمه وإطّلاعه ومعرفته ببرامج الخلق وتنظيم الوجود وتدبير الحياة .
وبهذه الصورة فإنّ مجموع ما ورد في الآيات الثلاث بالإضافة إلى مسألة التوحيد التي تكرّرت مرّتين ،فإنّ مجموع الصفات المقدّسة لله سبحانه تكون سبع عشرة صفة مرتبة بهذا الشكل:
1عالم الغيب والشهادة .
2الرحمن .
3الرحيم .
4الملك .
5القدّوس .
6السلام .
7المؤمن .
8المهيمن .
9العزيز .
10الجبّار .
11المتكبّر .
12الخالق .
13البارئ .
14المصوّر .
15الحكيم .
16له الأسماء الحسنى .
17الموجود الذي تسبّح له كلّ موجودات العالم .
ومع صفة التوحيد يصبح عدد الصفات ثماني عشرة صفة .ويرجى الانتباه إلى أنّ «التوحيد » و «العزيز » جاء كلّ منها مرّتين .
ومن بين مجموع هذه الصفات فإنّنا نلاحظ تنظيماً خاصّاً في الآيات الثلاث وهو: في الآية الأولى يبحث عن أعمّ صفات الذات وهي ( العلم ) وأعمّ صفات الفعل وهي ( الرحمة ) التي هي أساس كلّ أعماله تعالى .
وفي الآية الثانية يتحدّث عن حاكميته وشؤون هذه الحاكمية وصفاته ك ( القدّوس والسلام والمؤمن والجبّار والمتكبّر ) وبملاحظة معاني هذه الصفاتالمذكورة أعلاهفإنّ جميعها من خصوصيات هذه الحاكمية الإلهية المطلقة .
وفي الآية الأخيرة يبحث مسألة الخلق وما يرتبط بها من انتظام في مقام تسلسل الخلقة والتصوير ،وكذلك البحث في موضوع القدرة والحكمة الإلهية .
وبهذه الصورة فإنّ هذه الآيات تأخذ بيد السائرين في طريق معرفة الله ،وتقودهم من درجة إلى درجة ومن منزل إلى منزل ،حيث تبدأ الآيات أوّلا بالحديث عن ذاته المقدّسة ،ومن ثمّ إلى عالم الخلقة ،وتارةً أخرى بالسير نحو الله تعالى ،حيث ترتفع روحيته إلى سمو الواحد الأحد ،فيتطهّر القلب بالأسماء والصفات الإلهية المقدّسة ،ويربى في أجواء هذه الأنوار والمعارف ،حيث تنمو براعم التقوى على ظاهر أغصان وجوده ،وتجعله لائقاً لقرب جواره لكي يكون وجوداً منسجماً مع كلّ ذرّات الوجود ،مردّدين معاً ترانيم التسبيح والتقديس .
لذا فلا عجب أن تختص هذه الآية بصورة متميّزة في الروايات الإسلامية التي سنشير إليها فيما يلي ..
/خ24