هذه مناظرة ذكرها الله تعالى وشبهة تشبثت بها المشركون في شركهم وتحريم ما حرموا; فإن الله مطلع على ما هم فيه من الشرك والتحريم لما حرموه ، وهو قادر على تغييره بأن يلهمنا الإيمان ، أو يحول بيننا وبين الكفر ، فلم يغيره ، فدل على أنه بمشيئته وإرادته ورضاه منا ذلك; ولهذا قال:( لو شاء الله ما أشركنا ولا آباؤنا ولا حرمنا من شيء ) كما في قوله تعالى:( وقالوا لو شاء الرحمن ما عبدناهم ما لهم بذلك من علم ) [ الزخرف:20] ، وكذلك التي في "النحل "مثل هذه سواء ، قال الله تعالى:( كذلك كذب الذين من قبلهم ) أي:بهذه الشبهة ضل من ضل قبل هؤلاء . وهي حجة داحضة باطلة; لأنها لو كانت صحيحة لما أذاقهم الله بأسه ، ودمر عليهم ، وأدال عليهم رسله الكرام ، وأذاق المشركين من أليم الانتقام .
( قل هل عندكم من علم ) أي:بأن الله تعالى راض عنكم فيما أنتم فيه ( فتخرجوه لنا ) أي:فتظهروه لنا وتبينوه وتبرزوه ، ( إن تتبعون إلا الظن ) أي:الوهم والخيال . والمراد بالظن هاهنا:الاعتقاد الفاسد . ( وإن أنتم إلا تخرصون ) أي:تكذبون على الله فيما ادعيتموه .
قال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس رضي الله عنهما:( لو شاء الله ما أشركنا ) وقال ( كذلك كذب الذين من قبلهم ) ثم قال ( ولو شاء الله ما أشركوا ) [ الأنعام:107] ، فإنهم قالوا:عبادتنا الآلهة تقربنا إلى الله زلفى فأخبرهم الله أنها لا تقربهم ، وقوله:( ولو شاء الله ما أشركوا ) ، يقول تعالى:لو شئت لجمعتهم على الهدى أجمعين .