وقوله:( وهو الذي أنزل من السماء ماء ) أي بقدر مباركا ، رزقا للعباد وغياثا للخلائق ، رحمة من الله لخلقه ( فأخرجنا به نبات كل شيء ) كما قال ( وجعلنا من الماء كل شيء حي ) [ الأنبياء:30] ( فأخرجنا منه خضرا ) أي:زرعا وشجرا أخضر ، ثم بعد ذلك يخلق فيه الحب والثمر; ولهذا قال:( نخرج منه حبا متراكبا ) أي:يركب بعضه بعضا ، كالسنابل ونحوها ( ومن النخل من طلعها قنوان ) أي:جمع قنو وهي عذوق الرطب ) دانية ) أي:قريبة من المتناول ، كما قال علي بن أبي طلحة الوالبي ، عن ابن عباس:( قنوان دانية ) يعني بالقنوان الدانية:قصار النخل اللاصقة عذوقها بالأرض . رواه ابن جرير .
قال ابن جرير:وأهل الحجاز يقولون:قنوان ، وقيس يقولون:قنوان ، وقال امرؤ القيس:
فأثت أعاليه وآدت أصوله ومال بقنوان من البسر أحمرا
قال:وتميم يقولون قنيان بالياء - قال:وهي جمع قنو ، كما أن ( صنوان ) جمع صنو .
وقوله:( وجنات من أعناب ) أي:ونخرج منه جنات من أعناب ، وهذان النوعان هما أشرف عند أهل الحجاز ، وربما كانا خيار الثمار في الدنيا ، كما امتن تعالى بهما على عباده ، في قوله:( ومن ثمرات النخيل والأعناب تتخذون منه سكرا ورزقا حسنا ) [ النحل:67] ، وكان ذلك قبل تحريم الخمر .
وقال:( وجعلنا فيها جنات من نخيل وأعناب ) [ يس:34] .
وقوله:( والزيتون والرمان مشتبها وغير متشابه ) قال قتادة وغيره:يتشابه في الورق ، قريب الشكل بعضه من بعض ، ويتخالف في الثمار شكلا وطعما وطبعا .
وقوله:( انظروا إلى ثمره إذا أثمر وينعه ) أي:نضجه ، قاله البراء بن عازب ، وابن عباس ، والضحاك ، وعطاء الخراساني ، والسدي ، وقتادة ، وغيرهم . أي:فكروا في قدرة خالقه من العدم إلى الوجود ، بعد أن كان حطبا صار عنبا ورطبا وغير ذلك ، مما خلق تعالى من الألوان والأشكال والطعوم والروائح ، كما قال تعالى:( وفي الأرض قطع متجاورات وجنات من أعناب وزرع ونخيل صنوان وغير صنوان يسقى بماء واحد ونفضل بعضها على بعض في الأكل إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون ) [ الرعد:4] ولهذا قال هاهنا ( إن في ذلكم لآيات ) أي:دلالات على كمال قدرة خالق هذه الأشياء وحكمته ورحمته ( لقوم يؤمنون ) أي:يصدقون به ، ويتبعون رسله .