وقال السدي في قوله:( ونزعنا ما في صدورهم من غل تجري من تحتهم الأنهار ) الآية:إن أهل الجنة إذا سبقوا إلى الجنة فبلغوا ، وجدوا عند بابها شجرة في أصل ساقها عينان ، فشربوا من إحداهما ، فينزع ما في صدورهم من غل ، فهو "الشراب الطهور "، واغتسلوا من الأخرى ، فجرت عليهم "نضرة النعيم "فلم يشعثوا ولم يشحبوا بعدها أبدا .
وقد روى أبو إسحاق ، عن عاصم ، عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب نحوا من ذلك كما سيأتي في قوله تعالى:( وسيق الذين اتقوا ربهم إلى الجنة زمرا ) [ الزمر:73] إن شاء الله ، وبه الثقة وعليه التكلان .
وقال قتادة:قال علي ، رضي الله عنه:إني لأرجو أن أكون أنا وعثمان وطلحة والزبير من الذين قال الله تعالى فيهم:( ونزعنا ما في صدورهم من غل ) رواه ابن جرير .
وقال عبد الرزاق:أخبرنا ابن عيينة ، عن إسرائيل قال:سمعت الحسن يقول:قال علي:فينا والله أهل بدر نزلت:( ونزعنا ما في صدورهم من غل ) .
وروى النسائي وابن مردويه - واللفظ له - من حديث أبي بكر بن عياش ، عن الأعمش ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"كل أهل الجنة يرى مقعده من النار فيقول:لولا أن الله هداني ، فيكون له شكرا . وكل أهل النار يرى مقعده من الجنة فيقول:لو أن الله هداني ، فيكون له حسرة "
ولهذا لما أورثوا مقاعد أهل النار من الجنة نودوا:( أن تلكم الجنة أورثتموها بما كنتم تعملون ) أي:بسبب أعمالكم نالتكم الرحمة فدخلتم الجنة ، وتبوأتم منازلكم بحسب أعمالكم . وإنما وجب الحمل على هذا لما ثبت في الصحيحين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم:"واعلموا أن أحدكم لن يدخله عمله الجنة "قالوا:ولا أنت يا رسول الله؟ قال:"ولا أنا ، إلا أن يتغمدني الله برحمة منه وفضل "