وعلى هذا يكون معنى قوله:( لنفتنهم فيه ) أي:لنختبرهم ، كما قال مالك ، عن زيد بن أسلم:( لنفتنهم ) لنبتليهم ، من يستمر على الهداية ممن يرتد إلى الغواية ؟ .
ذكر من قال بهذا القول:قال العوفي ، عن ابن عباس:( وأن لو استقاموا على الطريقة ) يعني بالاستقامة:الطاعة . وقال مجاهد:( وأن لو استقاموا على الطريقة ) قال:الإسلام . وكذا قال سعيد بن جبير ، وسعيد بن المسيب ، وعطاء ، والسدي ، ومحمد بن كعب القرظي .
وقال قتادة:( وأن لو استقاموا على الطريقة ) يقول:لو آمنوا كلهم لأوسعنا عليهم من الدنيا .
وقال مجاهد:( وأن لو استقاموا على الطريقة ) أي:طريقة الحق . وكذا قال الضحاك واستشهد على ذلك بالآيتين اللتين ذكرناهما ، وكل هؤلاء أو أكثرهم قالوا في قوله:( لنفتنهم فيه ) أي لنبتليهم به .
وقال مقاتل:فنزلت في كفار قريش حين منعوا المطر سبع سنين .
والقول الثاني:( وأن لو استقاموا على الطريقة ) الضلالة ( لأسقيناهم ماء غدقا ) أي:لأوسعنا عليهم الرزق استدراجا ، كما قال:( فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم أبواب كل شيء حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون ) [ الأنعام:44] وكقوله:( أيحسبون أنما نمدهم به من مال وبنين نسارع لهم في الخيرات بل لا يشعرون ) [ المؤمنون:55 ، 56] وهذا قول أبي مجلز لاحق بن حميد ; فإنه في قوله:( وأن لو استقاموا على الطريقة ) أي:طريقة الضلالة . رواه ابن جرير وابن أبي حاتم وحكاه البغوي ، عن الربيع بن أنس وزيد بن أسلم والكلبي وابن كيسان . وله اتجاه ، ويتأيد بقوله:( لنفتنهم فيه )
وقوله:( ومن يعرض عن ذكر ربه يسلكه عذابا صعدا ) أي:عذابا شاقا شديدا موجعا مؤلما .
قال ابن عباس ومجاهد وعكرمة وقتادة وابن زيد:( عذابا صعدا ) أي:مشقة لا راحة معها .
وعن ابن عباس:جبل في جهنم . وعن سعيد بن جبير:بئر فيها .