وقوله:( يوم يقوم الروح والملائكة صفا لا يتكلمون ) اختلف المفسرون في المراد بالروح هاهنا ، ما هو ؟ على أقوال:
أحدها:رواه العوفي ، عن ابن عباس:أنهم أرواح بني آدم .
الثاني:هم بنو آدم . قاله الحسن ، وقتادة ، وقال قتادة:هذا مما كان ابن عباس يكتمه .
الثالث:أنهم خلق من خلق الله ، على صور بني آدم ، وليسوا بملائكة ولا ببشر ، وهم يأكلون ويشربون . قاله ابن عباس ، ومجاهد ، وأبو صالح والأعمش .
الرابع:هو جبريل . قاله الشعبي ، وسعيد بن جبير ، والضحاك . ويستشهد لهذا القول بقوله:( نزل به الروح الأمين على قلبك لتكون من المنذرين ) [ الشعراء:193 ، 194] وقال مقاتل بن حيان:الروح:أشرف الملائكة ، وأقرب إلى الرب - عز وجل - وصاحب الوحي .
والخامس:أنه القرآن . قاله ابن زيد ، كقوله:( وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا ) الآية [ الشورى:52] .
والسادس:أنه ملك من الملائكة بقدر جميع المخلوقات ; قال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس:قوله:( يوم يقوم الروح ) قال:هو ملك عظيم من أعظم الملائكة خلقا .
وقال ابن جرير:حدثني محمد بن خلف العسقلاني ، حدثنا رواد بن الجراح ، عن أبي حمزة ، عن الشعبي ، عن علقمة ، عن ابن مسعود قال:الروح:في السماء الرابعة هو أعظم من السماوات ومن الجبال ومن الملائكة ، يسبح كل يوم اثني عشر ألف تسبيحة ، يخلق الله من كل تسبيحة ملكا من الملائكة يجيء يوم القيامة صفا وحده ، وهذا قول غريب جدا .
وقد قال الطبراني:حدثنا محمد بن عبد الله بن عرس المصري ، حدثنا وهب [ الله بن رزق أبو هريرة ، حدثنا بشر بن بكر] ، حدثنا الأوزاعي ، حدثني عطاء ، عن عبد الله بن عباس:سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول:"إن لله ملكا لو قيل له:التقم السماوات السبع والأرضين بلقمة واحدة ، لفعل ، تسبيحه:سبحانك حيث كنت ".
وهذا حديث غريب جدا ، وفي رفعه نظر ، وقد يكون موقوفا على ابن عباس ، ويكون مما تلقاه من الإسرائيليات ، والله أعلم .
وتوقف ابن جرير فلم يقطع بواحد من هذه الأقوال كلها ، والأشبه - والله أعلم - أنهم بنو آدم .
وقوله:( إلا من أذن له الرحمن ) كقوله:( لا تكلم نفس إلا بإذنه ) [ هود:105] . وكما ثبت في الصحيح:"ولا يتكلم يومئذ إلا الرسل ".
وقوله ( وقال صوابا ) أي:حقا ، ومن الحق:"لا إله إلا الله "، كما قاله أبو صالح ، وعكرمة .