وقوله:( وإذ قالوا اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم ) هذا من كثرة جهلهم وعتوهم وعنادهم وشدة تكذيبهم ، وهذا مما عيبوا به ، وكان الأولى لهم أن يقولوا:اللهم ، إن كان هذا هو الحق من عندك ، فاهدنا له ، ووفقنا لاتباعه . ولكن استفتحوا على أنفسهم ، واستعجلوا العذاب ، وتقديم العقوبة كما قال تعالى:( ويستعجلونك بالعذاب ولولا أجل مسمى لجاءهم العذاب وليأتينهم بغتة وهم لا يشعرون ) [ العنكبوت:53] ، ( وقالوا ربنا عجل لنا قطنا قبل يوم الحساب ) ، ( سأل سائل بعذاب واقع للكافرين ليس له دافع من الله ذي المعارج ) [ المعارج:1 - 3] ، وكذلك قال الجهلة من الأمم السالفة ، كما قال قوم شعيب له:( فأسقط علينا كسفا من السماء إن كنت من الصادقين ) [ الشعراء:187] ، وقال هؤلاء:( اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم )
قال شعبة ، عن عبد الحميد ، صاحب الزيادي ، عن أنس بن مالك قال:هو أبو جهل بن هشام قال:( اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم ) فنزلت ( وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون ) الآية .
رواه البخاري عن أحمد ومحمد بن النضر ، كلاهما عن عبيد الله بن معاذ ، عن أبيه ، عن شعبة ، به .
وأحمد هذا هو:أحمد بن النضر بن عبد الوهاب . قاله الحاكم أبو أحمد ، والحاكم أبو عبد الله النيسابوري ، والله أعلم .
وقال الأعمش ، عن رجل ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس في قوله:( وإذ قالوا اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم ) قال:هو النضر بن الحارث بن كلدة ، قال:فأنزل الله:( سأل سائل بعذاب واقع للكافرين ليس له دافع ) [ المعارج:1 - 2] وكذا قال مجاهد ، وعطاء ، وسعيد بن جبير ، والسدي:إنه النضر بن الحارث - زاد عطاء:فقال الله تعالى:( وقالوا ربنا عجل لنا قطنا قبل يوم الحساب ) وقال ( ولقد جئتمونا فرادى كما خلقناكم أول مرة ) [ الأنعام:94] وقال ( سأل سائل بعذاب واقع للكافرين ليس له دافع ) [ المعارج:1 ، 2] ، قال عطاء:ولقد أنزل فيه بضع عشرة آية من كتاب الله ، عز وجل .
وقال ابن مردويه:حدثنا محمد بن إبراهيم ، حدثنا الحسن بن أحمد بن الليث ، حدثنا أبو غسان حدثنا أبو تميلة ، حدثنا الحسين ، عن ابن بريدة ، عن أبيه قال:رأيت عمرو بن العاص واقفا يوم أحد على فرس ، وهو يقول:اللهم ، إن كان ما يقول محمد حقا ، فاخسف بي وبفرسي .
وقال قتادة في قوله:( وإذ قالوا اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك ) الآية ، قال:قال ذلك سفهة هذه الأمة وجهلتها فعاد الله بعائدته ورحمته على سفهة هذه الأمة وجهلتها .