وقوله تعالى:( وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون ) قال ابن أبي حاتم:حدثنا أبي ، حدثنا أبو حذيفة موسى بن مسعود ، حدثنا عكرمة بن عمار ، عن أبي زميل سماك الحنفي ، عن ابن عباس قال:كان المشركون يطوفون بالبيت ويقولون:لبيك اللهم لبيك ، لبيك لا شريك لك فيقول النبي - صلى الله عليه وسلم -:قد قد ! ويقولون:لا شريك لك ، إلا شريكا هو لك ، تملكه وما ملك . ويقولون:غفرانك ، غفرانك ، فأنزل الله:( وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون ) قال ابن عباس:كان فيهم أمانان:النبي - صلى الله عليه وسلم - والاستغفار ، فذهب النبي - صلى الله عليه وسلم - وبقي الاستغفار .
وقال ابن جرير:حدثني الحارث ، حدثنا عبد العزيز ، حدثنا أبو معشر ، عن يزيد بن رومان ومحمد بن قيس قالا قالت قريش بعضها لبعض:محمد أكرمه الله من بيننا ( اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم ) فلما أمسوا ندموا على ما قالوا ، فقالوا:غفرانك اللهم ! فأنزل الله - عز وجل -:( وما كان الله [ ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله] معذبهم وهم يستغفرون ) إلى قوله:( ولكن أكثرهم لا يعلمون ) [ الأنفال:34] .
وقال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس:( وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم ) يقول:ما كان الله ليعذب قوما وأنبياؤهم بين أظهرهم حتى يخرجهم ، ثم قال:( وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون ) يقول:وفيهم من قد سبق له من الله الدخول في الإيمان ، وهو الاستغفار - يستغفرون ، يعني:يصلون - يعني بهذا أهل مكة .
وروي عن مجاهد ، وعكرمة ، وعطية العوفي ، وسعيد بن جبير ، والسدي نحو ذلك .
وقال الضحاك وأبو مالك:( وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون ) يعني:المؤمنين الذين كانوا بمكة .
وقال ابن أبي حاتم:حدثنا أبي ، حدثنا عبد الغفار بن داود ، حدثنا النضر بن عربي [ قال] قال ابن عباس:إن الله جعل في هذه الأمة أمانين لا يزالون معصومين مجارين من قوارع العذاب ما داما بين أظهرهم:فأمان قبضه الله إليه ، وأمان بقي فيكم ، قوله:( وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون )
قال أبو صالح عبد الغفار:حدثني بعض أصحابنا ، أن النضر بن عربي حدثه هذا الحديث ، عن مجاهد ، عن ابن عباس .
وروى ابن مردويه وابن جرير ، عن أبي موسى الأشعري نحوا من هذا وكذا روي عن قتادة وأبي العلاء النحوي المقرئ .
وقال الترمذي:حدثنا سفيان بن وكيع ، حدثنا ابن نمير ، عن إسماعيل بن إبراهيم بن مهاجر ، عن عباد بن يوسف ، عن أبي بردة بن أبي موسى ، عن أبيه قال:قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:أنزل الله علي أمانين لأمتي:( وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون ) فإذا مضيت ، تركت فيهم الاستغفار إلى يوم القيامة
ويشهد لهذا ما رواه الإمام أحمد في مسنده ، والحاكم في مستدركه ، من حديث عبد الله بن وهب:أخبرني عمرو بن الحارث ، عن دراج ، عن أبي الهيثم ، عن أبي سعيد ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:إن الشيطان قال:وعزتك يا رب ، لا أبرح أغوي عبادك ما دامت أرواحهم في أجسادهم . فقال الرب:وعزتي وجلالي ، لا أزال أغفر لهم ما استغفروني .
ثم قال الحاكم:صحيح الإسناد ولم يخرجاه .
وقال الإمام أحمد:حدثنا معاوية بن عمرو ، حدثنا رشدين - هو ابن سعد - حدثني معاوية بن سعد التجيبي ، عمن حدثه ، عن فضالة بن عبيد ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال:العبد آمن من عذاب الله ما استغفر الله ، عز وجل .