يقول تعالى:( قد أفلح من تزكى ) أي:طهر نفسه من الأخلاق الرذيلة ، وتابع ما أنزل الله على رسوله ، صلوات الله وسلامه عليه ، ( وذكر اسم ربه فصلى ) أي:أقام الصلاة في أوقاتها ; ابتغاء رضوان الله وطاعة لأمر الله وامتثالا لشرع الله . وقد قال الحافظ أبو بكر البزار:
حدثنا عباد بن أحمد العرزمي ، حدثنا عمي محمد بن عبد الرحمن ، عن أبيه ، عن عطاء بن السائب ، عن عبد الرحمن بن سابط ، عن جابر بن عبد الله ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -:( قد أفلح من تزكى ) قال:"من شهد أن لا إله إلا الله ، وخلع الأنداد ، وشهد أني رسول الله "، ( وذكر اسم ربه فصلى ) قال:"هي الصلوات الخمس والمحافظة عليها والاهتمام بها ".
ثم قال لا يروى عن جابر إلا من هذا الوجه .
وكذا قال ابن عباس:إن المراد بذلك الصلوات الخمس . واختاره ابن جرير .
وقال ابن جرير:حدثني عمرو بن عبد الحميد الآملي حدثنا مروان بن معاوية ، عن أبي خلدة قال:دخلت على أبي العالية فقال لي:إذا غدوت غدا إلى العيد فمر بي . قال:فمررت به فقال:هل طعمت شيئا ؟ قلت:نعم . قال:أفضت على نفسك من الماء ؟ قلت:نعم . قال:فأخبرني ما فعلت بزكاتك ؟ قلت:وكأنك قلت:قد وجهتها ؟ قال:إنما أردتك لهذا . ثم قرأ:( قد أفلح من تزكى وذكر اسم ربه فصلى ) وقال:إن أهل المدينة لا يرون صدقة أفضل منها ومن سقاية الماء .
قلت:وكذلك روينا عن أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز أنه كان يأمر الناس بإخراج صدقة الفطر ، ويتلو هذه الآية ( قد أفلح من تزكى وذكر اسم ربه فصلى )
وقال أبو الأحوص:إذا أتى أحدكم سائل وهو يريد الصلاة ، فليقدم بين يدي صلاته زكاته ، فإن الله يقول:( قد أفلح من تزكى وذكر اسم ربه فصلى )
وقال قتادة في هذه الآية ( قد أفلح من تزكى وذكر اسم ربه فصلى ) زكى ماله وأرضى خالقه .