وهذا امتنان منه على عباده المؤمنين، وتذكير لهم بما نصرهم به يوم بدر وهم أذلة في قلة عَددهم وعُددهم مع كثرة عدد عدوهم وعُددهم، وكانت وقعة بدر في السنة الثانية من الهجرة، خرج النبي صلى الله عليه وسلم من المدينة بثلاث مئة وبضعة عشر من أصحابه، ولم يكن معهم إلا سبعون بعيرا وفرسان لطلب عير لقريش قدمت من الشام، فسمع به المشركون فتجهزوا من مكة لفكاك عيرهم، وخرجوا في زهاء ألف مقاتل مع العدة الكاملة والسلاح العام والخيل الكثيرة، فالتقوا همم والمسلمون في ماء يقال له "بدر"بين مكة والمدينة فاقتتلوا، ونصر الله المسلمين نصرا عظيما، فقتلوا من المشركين سبعين قتيلا من صناديد المشركين وشجعانهم، وأسروا سبعين، واحتووا على معسكرهم ستأتي - إن شاء الله - القصة في سورة الأنفال، فإن ذلك موضعها، ولكن الله تعالى هنا أتى بها ليتذكر بها المؤمنون ليتقوا ربهم ويشكروه، فلهذا قال{ فاتقوا الله لعلكم تشكرون} لأن من اتقى ربه فقد شكره، ومن ترك التقوى فلم يشكره، إذ تقول يا محمد للمؤمنين يوم بدر مبشرا لهم بالنصر.